رفض جهاز الأمن والمخابرات الوطني يوم الأربعاء تقريرًا حقوقيًا صدر مؤخرًا عن شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان في جنوب السودان، والذي يوثق مئات الانتهاكات في المجال المدني. ونفى الجهاز بشدة مسؤوليته عن أي حملة قمع ممنهجة، وطالب مُعدي التقرير بتقديم أدلة وإثباتات ملموسة.
ويستند التقرير، الذي جاء تحت عنوان: “هذه المدينة ستكون صغيرة عليكم: قمع المجال المدني في جنوب السودان” والمكون من 40 صفحة، إلى ثلاث سنوات من المراقبة (يونيو 2022–يونيو 2025). ويوثق التقرير أنماطًا من الانتهاكات التي تطالب الشبكة بإصلاحات لحماية الصحفيين والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما يتوافق مع الضمانات الدستورية.
وفي حفل الإطلاق، الذي قدمه المحامي أومارا جوزيف، أُثيرت مخاوف بشأن حجم وخطورة 114 حادثة مؤكدة من أصل 164 مسجلة، والتي تراوحت بين استدعاءات واحتجازات تعسفية، وإغلاق لوسائل إعلام، وتعطيل لفعاليات عامة. وأشار التقرير إلى تورط أجهزة أمنية متعددة، بما في ذلك جهاز الأمن والمخابرات، والعمليات المشتركة، والشرطة.
كما صرحت ذكية إبسون، نائب رئيس مفوضية جنوب السودان لحقوق الإنسان، بأن العديد من نشطاء المجتمع المدني والصحفيين “يعيشون في خوف من الأعمال الانتقامية” عند مغادرتهم الأماكن الآمنة.
من جانبه، نفى ديفيد جون كوموري، المتحدث باسم جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الادعاء الرئيسي بأن الجهاز هو المسؤول الأول عن الانتهاكات، وتحدى الشبكة بتقديم إثباتات مفصلة.
وصرح كوموري قائلًا: “ليس من سياسة جهاز الأمن والمخابرات الوطني ارتكاب انتهاكات، إلا إذا كان هناك أفراد يسيئون استخدام صلاحياتهم قد فعلوا ذلك. وعليكم أيضًا أن تقدموا الإثبات في الحالة رقم واحد، هذا انتهاك، ورقم اثنين، هذا انتهاك، دون خوف أو محاباة.”
وأوضح المتحدث أن الولاية الأساسية للجهاز هي “حماية المصالح الوطنية لجمهورية جنوب السودان”، مشيرًا إلى أن وظائف الاستخبارات والتحقيقات، التي قال إنها تُخلط أحيانًا بالعمل الشرطي، تقع ضمن هذا الاختصاص. كما أكد أن الجهاز يمتلك آليات داخلية للمحاسبة، بما في ذلك محكمة غير عاجلة أُنشئت بتوجيه رئاسي، وأنها “حاكمت حوالي 18 أو 19 حالة”.
وحث كوموري الصحفيين والمجتمع المدني على الاستفادة من هذه الآلية الداخلية والتعامل بشكل بناء مع المؤسسات الأمنية.
وفي المقابل، أكد مسؤولو شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان أن التقرير مبني على أدلة تم التحقق منها عبر شبكة من المراقبين وشهادات الشهود، رافضين محاولات تشويه النتائج بوصفها “مجرد قصص فردية”.
وتصر مجموعات حقوق الإنسان على أن الآليات الداخلية، على أهميتها، غير كافية. وتجادل بأن الإصلاحات المنهجية، والفصل الأوضح لمهام الاستخبارات عن المهام الشرطية، والرقابة المدنية، والتغييرات التشريعية ضرورية لاستعادة الثقة العامة.
ويشير التقرير إلى أن قانون الأمن الوطني الحالي يمنح صلاحيات مفرطة للقوات الأمنية، تشمل الاعتقال دون أمر قضائي، وتفتيش الأماكن، ومصادرة الممتلكات، مما يتيح ارتكاب الانتهاكات بإفلات من العقاب.
ومن بين التوصيات الرئيسية التي كررتها الشبكة: إلغاء التشهير الجنائي، وتعزيز الرقابة البرلمانية والقضائية، ووضع إجراءات واضحة لتقديم الشكاوى والانتصاف فيما يتعلق بالاعتقالات التعسفية والرقابة.