منظمة “جهر” تندد بحجب مكالمات واتساب في السودان وتعتبره انتهاكا صارخا للحقوق الأساسية

أدانت منظمة “صحفيون لحقوق الإنسان – جهر – السودان” بشدة قرار السلطات السودانية بحجب خدمات المكالمات الصوتية والمرئية عبر تطبيق واتساب. وأكدت المنظمة في بيان لها أن هذا الإجراء يُعد “انتهاكًا صارخًا ومباشرًا لحقوق الإنسان المكفولة دوليًا”، مشددة على أن حجب هذه الخدمات يشكل انتهاكًا صريحًا للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القوانين الوطنية والمواثيق الدولية.

ودخل اليوم الجمعة قرار السلطات السودانية بحجب خدمات المكالمات الصوتية والمرئية عبر تطبيق واتساب، حيز التنفيذ، وذلك لأجل غير مسمى. وأعلن جهاز تنظيم الاتصالات والبريد في السودان هذا القرار في 20 يوليو الجاري، مبررا إياه بأنه “إجراء احترازي للمهددات الأمنية، وحفاظا على الأمن والمصالح العليا للبلاد.

وفقا للجهر، صادق السودان على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 19): والذي يضمن الحق في حرية التعبير وتلقي ونقل المعلومات. كذلك الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (المادة 9 – الفقرة 1): التي تنص على حق كل فرد في الحصول على المعلومات، بجانب إعلان المبادئ بشأن حرية التعبير والحصول على المعلومات في أفريقيا في العاشر من نوفمبر 2019.

وشددت “جهر” في بيان الذي حصل عليه راديو تمازج “اليوم”، على أن تقييد الوصول إلى وسائل الاتصال الرقمية المزودة بخاصية “الصوت والصورة” يُعد انتهاكا خطيرا لهذه الحقوق، ويمس جوهر الحريات الأساسية للمواطنين، ويُشكل خطوة متقدمة في طريق فرض الإظلام الإعلامي الشامل.

وأشارت “جهر” إلى أن قرار الحظر لا يفي بالمعايير الدولية التي تتيح فرض قيود محددة على بعض الحقوق في حالات استثنائية. ووفقا للمنظمة، يجب أن تكون هذه القيود ضرورية لمواجهة تهديد محدد ومتناسبة معه، ومحددة من حيث الزمان والمكان، وتستند إلى أسس قانونية واضحة وشفافة، وتخضع لرقابة قضائية مستقلة. لكن القرار الحالي، بحسب “جهر”، يفتقر إلى هذه المعايير، حيث لم تُقدم مبررات فنية أو قانونية علنية كافية، ولم تحدد مدته الزمنية أو نطاقه الجغرافي، ما يثير مخاوف جادة من استخدامه كأداة للرقابة والقمع لا للحفاظ على الأمن.

كما حذرت المنظمة من التداعيات الإنسانية والتنموية الخطيرة للحظر. ففي ظل النزاع المسلح المستمر في السودان، أصبحت وسائل الاتصال الرقمية “شريان حياة للمجتمعات المحلية، والعاملين في المجال الإنساني، والأسر المتفرقة”. ويُعد تعطيل أو تحجيم هذه الوسائل في هذا التوقيت الحرج “تهديدا مباشرا لحياة المدنيين، بمن فيهم المرضى والنازحون واللاجئون”، كما يشكل “عائقا أمام تنسيق عمليات الطوارئ والاستجابة الإنسانية، وانتهاكا صارخا للمبادئ الإنسانية الدولية التي تضمن حق الوصول إلى المساعدات والخدمات الأساسية”.

وسلطت “جهر” الضوء على الأثر السلبي للحظر على اللاجئين السودانيين والنازحين داخليا. فالسودانيون المقيمون في الخارج، بمن فيهم ملايين اللاجئين، يعتمدون على واتساب كوسيلة اتصال رئيسية مع ذويهم في الداخل. وقد يتسبب الحظر في قطع شريان التواصل العائلي والإنساني بين الأسر المشتتة بسبب الحرب، وزيادة القلق والمعاناة النفسية لديهم، وتعطيل جهود الدعم والتحويلات المالية والمساعدات التي تصل من الخارج إلى المحتاجين.

وفي ظل الانهيار المؤسسي وانعدام الخدمات، بات تطبيق واتساب أداة حيوية يستخدمها المواطنون للبحث عن المفقودين وتبادل صورهم ومعلوماتهم، وقد ساهمت هذه الجهود المجتمعية في لم شمل بعض الأسر التي فقد الاتصال بها أثناء عمليات النزوح أو القصف.

وطالبت “صحفيون لحقوق الإنسان – جهر – السودان” السلطات السودانية بالرفع الفوري للحظر المفروض على خدمات الاتصال الصوتي والمرئي عبر الإنترنت، وضمان إمكانية الطعن القانوني في مثل هذه القرارات، وتوفير آلية رقابة قضائية مستقلة.

ودعت “جهر” الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والمنظمات الحقوقية الدولية للتدخل العاجل، والضغط على السلطات السودانية لاحترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.

وأكدت “جهر” أن استمرار هذه السياسات” يُكرّس ويُرسّخ نمطا خطيرا من التضييق الرقمي، ويُقوّض الجهود المبذولة لتحقيق العدالة والسلام والاستقرار في السودان.

ودعت المنظمة، المجتمع الصحفي السوداني، والمجتمع المدني، وكل القوى الحية، إلى “رفع الصوت عاليا ضد هذا الإجراء التعسفي، ومقاومته عبر كافة الطرق المشروعة، بما في ذلك، تحدّه تقنيا، عبر استخدام خاصية VPN “الشبكة الخاصة الافتراضية”، التي تسمح بإنشاء اتصال آمن ومُشفّر بالإنترنت، وتضمن إخفاء عنوان الـIP، ما يساعد على رفع درجة الحماية ويُقلّل المخاطر”.

كما نصحت “جهر” مستخدمي واتساب في السودان باستخدام برنامج شامل لمكافحة الفيروسات لضمان أقصى درجات الأمان الممكنة، ودعت كافة أهل الاختصاص للمساهمة في نشر ثقافة السلامة والحماية الرقمية.

واختتمت المنظمة بيانها بدعوة صريحة لرفع الصوت عاليا ضد قرار حجب المكالمات الصوتية والمرئية عبر تطبيق واتساب، لكونه “قرارا تعسفيا، يُقيِّد ويقمع حرية التعبير والمعلومات، ويُضيف أعباء مالية مجحفة، فوق طاقة مستخدمي الإنترنت في السودان”.