حذّرت هيئة رئيسية لمراقبة السلام بجنوب السودان، يوم الثلاثاء من أن اتفاق السلام المُبرم في جنوب السودان عام 2018 بات على شفا الانهيار، مُهدداً بتصاعد العنف والاعتقالات السياسية والانهيار الحاسم للثقة بين القادة المتنافسين.
وأصدرت مفوضية المراقبة والتقييم المشتركة المُعاد تشكيلها RJMEC التي تشرف على عملية السلام، هذا التقييم الخطير في اجتماع طارئ عقدته في العاصمة جوبا. ويُعد هذا أول اجتماع للهيئة منذ فبراير الماضي.
وصرح رئيس المفوضية، السفير اللواء المتقاعد جورج أقري أوينو، بأن سلسلة من الأزمات الأخيرة تهدد بعكس مسار سنوات من التقدم الهش.
وقال أوينو لأصحاب المصلحة: “إذا لم تُعَالَج التحديات الحالية بشكل عاجل، فهناك خطر كبير بعكس مسار المكاسب جميعهم التي تحققت بالفعل، وقد يؤدي هذا إلى انهيار الاتفاق بالكامل”.
وأشار أوينو إلى حادثة وقعت في 7 مارس في مقاطعة ناصر بولاية أعالي النيل، وأدت إلى مقتل جنرال رفيع من قوات دفاع شعب جنوب السودان الحكومية، باعتبارها محفزاً رئيسياً. وفي أعقاب ذلك، اعتقلت السلطات ووجهت اتهامات لعدد من كبار المسؤولين من الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة، بمن فيهم النائب الأول للرئيس الدكتور ريك مشار، وهو أحد الموقعين الرئيسيين على اتفاق السلام لعام 2018.
وقال أوينو إن هذه الاعتقالات أصابت مؤسسات السلام الحيوية بالشلل، مشيراً إلى أن فريق مراقبة وقف إطلاق النار في ملكال أصبح الآن “معطلاً إلى حد كبير”.
وأضاف أن الأزمة السياسية تفاقمت بسبب “القرارات الأحادية، والنزاعات الحزبية الداخلية، وبطء التقدم” في توحيد القوات المسلحة المتنافسة في جيش وطني واحد. وقد “أدت هذه العوامل إلى تآكل الثقة وتقويض الإرادة السياسية للمضي قدماً”.
وذكر أوينو أن تدقيقاً أجرته المفوضية وجد أن الاقتتال الداخلي أضعف حكومة تقاسم السلطة نفسها التي صُمم الاتفاق لإنشائها.
من جانبه، أقر وزير شؤون مجلس الوزراء مارتن إيليا لومورو بوجود تحديات، لكنه اتخذ نبرة أكثر تفاؤلاً بشأن الانتخابات المقررة في ديسمبر 2026. وأفاد بأن الأنشطة التمهيدية للانتخابات اكتملت بنسبة تزيد عن 64% وأن المؤسسات الرئيسية مثل اللجنة الوطنية للانتخابات تعمل، رغم نقص التمويل.
كما أعلن أن المرحلة الأولى من تدريب القوات المسلحة الموحدة قد اكتملت، ونُشِرَت القوات، على الرغم من أن المرحلة الثانية الحاسمة للشرطة والسجون لا تزال متوقفة.
ويراقب المجتمع الدولي، وهو داعم رئيسي لعملية السلام، هذا الاضطراب من كثب.
وأكد السفير الصيني لدى جنوب السودان ما شينغ، دعم بكين، لكنه حث الأطراف جميعها على “وقف الأعمال العدائية وحل الخلافات عبر الحوار”.
وشدد على أن الدعم الدولي يجب أن يحترم سيادة جنوب السودان، واصفاً الصين بأنها “داعم ومشارك ومساهم ثابت” في عملية السلام.
وفي ختام الاجتماع، وجه رئيس المفوضية نداءً عاجلاً للعمل، داعياً الأطراف جميعها إلى إعادة الالتزام بالحوار، والإفراج عن المعتقلين، واستعادة التنفيذ الكامل لاتفاق السلام.
وقال: “يجب أن نبحث عن حلول، لا أن ننخرط في لعبة إلقاء اللوم. تقع مسؤولية الحفاظ على السلام على عاتق الحكومة والأطراف وجميع شركاء السلام. الوقت ينفد”.