استمعت المحكمة الخاصة في جوبا، يوم الاثنين، إلى شهادات تفصيلية حول محاولة إخلاء فاشلة والأحداث التي سبقت الهجوم على مدينة “ناصر”، وذلك مع استمرار محاكمة النائب الأول للرئيس “المعلق” مهامه، رياك مشار، وسبعة آخرين.
وشهدت الجلسة الحادية والثلاثون للمحاكمة، المنعقدة في “قاعة الحرية”، حضور سبعة من المتهمين الثمانية، بينما تغيب واحد لدواعٍ صحية.
وأدلى العميد سانتينو أكوت أبيام، وهو ضابط رفيع في قوات دفاع شعب جنوب السودان، بشهادته في أثناء الاستجواب حول ما وصفه بمحاولة إخلاء فوضوية من مدينة ناصر في مارس 2025.
وأفاد العميد أمام المحكمة بأنه تلقى تعليمات بعد ظهر يوم 4 مارس للتنسيق لعملية إخلاء بناءً على طلب من رئيس هيئة أركان الدفاع. وكانت مهمته هي التواصل مع الشركاء الإنسانيين، بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لبحث إمكانية إجلاء الأشخاص إلى ملكال وجوبا.
وأوضح أكوت أن التنسيق يعتمد على الجهة المسيطرة على المنطقة. قائلاً: “بالنسبة للمناطق التي تسيطر عليها الحكومة، نرسل طلبات رسمية، أما المناطق الخاضعة للجماعات المسلحة، فيكون التنسيق شفهياً، ويمضي الشركاء على مسؤوليتهم الخاصة”.
وأضاف أن الوكالات الإغاثية طالبت بضمانات أمنية، مما دفع مكتبه لطلب تأكيدات من الرئاسة، وأخبر المحكمة أن القنوات الرسمية أبلغته بأن مكتب مشار، أكد أن المنطقة تحت سيطرة الحكومة، مما سمح ببدء العملية، وغير أن عدة محاولات إخلاء بين 5 و7 مارس فشلت بسبب ما وصفه بـ “سوء التنسيق الميداني”، مما أجبر الطائرات على العودة دون ركاب.
وروى أكوت واقعة إطلاق نار في أثناء هبوط إحدى الطائرات، حيث صعد قياديان من “الجيش الأبيض” وستة جنود من قوات دفاع شعب جنوب السودان قبل اندلاع الاشتباك.
وقال: “قُتل جندي من قوات دفاع شعب جنوب السودان، على متن الطائرة، كما قُتل أحد أفراد الطاقم وأصيب طياران”.
كما استمعت المحكمة لشهادات تشير إلى أن العنف في ناصر بدأ في وقت أبكر مما ذُكر سابقاً. ووصف شهود عسكريون كميناً استهدف جنوداً كانوا يجمعون الحطب، نفذه مقاتلون يُعتقد انتماءهم لـ “الجيش الأبيض” والحركة الشعبية في المعارضة.
ووفقاً للشهادات، كانت التوترات تتصاعد منذ أيام؛ ففي 28 فبراير، تلقت السلطات معلومات استخباراتية عن حشد لمقاتلي الجيش الأبيض في ناصر، مما دفع قادة الجيش لوضع قواتهم في حالة تأهب قصوى. وتصاعدت الهجمات في الأول من مارس، حيث صُدّ هجوم في الثاني من مارس، تلاه هجوم آخر على الحامية العسكرية في اليوم التالي.
وقدم شاهد الإثبات الثالث، النقيب جوزيف ملونق أكوت، وهو ناجٍ من الهجوم على ثكنات “يار- ويج أديو” في 4 مارس، رواية مروعة للقتال. وذكر أنه ظل محاصراً لعدة أيام في الخطوط الأمامية داخل ناقلة جنود مدرعة مع مجموعة صغيرة من الجنود، وعاشوا على إمدادات شحيحة حتى وصول الطائرات. وأكد مقتل 257 جندياً وأحد أفراد طاقم الأمم المتحدة في الهجوم النهائي.
وعند استجوابه، قال النقيب أكوت بأنه لم يشهد أيا من المتهمين الثمانية يشارك شخصياً في القتال.
وقرر القاضي جيمس ألالا دينق تأجيل المحاكمة حتى يوم الأربعاء، حيث يُتوقع الاستماع لشاهد الإثبات الرابع.
يذكر أن مشار ورفاقه يواجهون تهم القتل، الإرهاب، الخيانة العظمى، والجرائم ضد الإنسانية، وهي تهم ينفونها جملة وتفصيلاً. وتقدر النيابة قيمة الأصول العسكرية المفقودة في هجوم ناصر بنحو 58 مليون دولار.



