حملة جراحية لناسور الولادة في توريت

أطلقت منظمة كورديد، بالتعاون مع وزارة الصحة في ولاية شرق الاستوائية بجنوب السودان، وبتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان والسفارة النرويجية في جوبا، يوم الاثنين حملة جراحية مجانية لعلاج ناسور الولادة في مدينة توريت للمرضى من جميع أنحاء الولاية.

يحدث ناسور الولادة بشكل أساسي نتيجةً للمخاض المُعسَّر والمُطوَّل، حيث يضغط رأس الجنين على نحو متكرر على حوض الأم، مما يُؤدي إلى انقطاع تدفق الدم إلى الأنسجة، ويُسبب موتها، ويُحدث ثقبًا بين قناة الولادة والمثانة أو المستقيم، مما يُؤدي إلى تسرب البول والبراز بشكل لا يُمكن السيطرة عليه.

وفقًا لوزارة الصحة الوطنية، تُعاني حوالي 60 ألف امرأة وفتاة من ناسور الولادة، وتشمل العوامل المُساهمة في ذلك عدم توفر القابلات المُاهرات ورعاية التوليد الطارئة، والفقر، وسوء التغذية، وحمل المراهقات، وعوامل اجتماعية أخرى مثل الزواج المُبكر.

وقال بوري جمعة وأني، ممثل منظمة كوردايد في توريت، إن الجراحين موجودون بالفعل في الميدان، وسيُحَدَّد المرضى ونقلهم من جميع أنحاء الولاية لتلقي العلاج في مستشفى توريت الحكومي.

وأضاف: “هذه حملة لعلاج الناسور ستُقام في توريت، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان”. وتابع: “يسعدني اليوم أن نفتتح هذا البرنامج رسميًا، وهو عملية جراحية للمرضى في ولاية شرق الاستوائية ككل، ويوجد حوالي 26 مريضة في الجناح بالفعل، وحوالي 3 في طريقهن للانضمام إلى البقية”.

من جانبه، أعرب أوتيم سايمون، ممثل جمعية الممرضات والقابلات في جنوب السودان، عن التزام الجمعية بدعم الناجيات من الناسور اللاتي غالبًا ما يتعرضن للإهمال، ويواجهن وصمة العار.

وقال: “سنكون مسؤولين أيضًا عن إعادة إدماج هؤلاء المرضى، ولدينا بعض الأمور التي ستساعدهن على بدء حياتهن في المجتمع. مريضاتنا المصابات بالناسور يعانين صدمة نفسية وإهمال مجتمعاتهن، لذا سنساعدهن على بدء حياة جديدة”.

في أثناء ذلك، أشادت كليمنتينا لوبايا، مديرة الصحة الإنجابية في الولاية، بصندوق الأمم المتحدة للسكان على دعمه، وحثت مريضات الناسور على الانضمام إلى الحملة.

وقالت: “أود أن أشكر صندوق الأمم المتحدة للسكان والنرويج على الدعم المقدم لإجراء هذه الحملة”. وأضافت: “تنظيم الأسرة مهم جدًا لمنع الحمل غير المرغوب فيه، ويجب أن تكون الولادة تحت أيادٍ ماهرة، وتُقَدَّم الرعاية والعمليات الجراحية الطارئة لمن يعانين مضاعفات”.

وأضافت: “نحن بحاجة إلى توعية المجتمع إلى حد بعيد، لذا إذا كنتِ تعلمين أن لديكِ ناسورًا، فأرجو من أخواتي وأمهاتي من حولي الإبلاغ عن ذلك”.

من جانبه، اقترح كونيان موسى، مدير شؤون النوع الاجتماعي والطفل والرعاية الاجتماعية في الولاية، إنشاء قسم دائم للناسور في الولاية.

قال: “لا تختلف المصابات بالناسور عن اللواتي يعانين العنف القائم على النوع الاجتماعي، إذ يواجهن الوصمة نفسها.” وأضاف: “هذه الحملة وحدها لا تكفي، ونريد إنشاء قسم متخصص في علاج الناسور في مستشفى توريت. فبعد هذه الحملة، سيعود الأطباء إلى العمل”.

وقال الطبيب كوما حكيم، المنسق السريري لناسور الولادة في صندوق الأمم المتحدة للسكان في جوبا، إن حوالي 184 مريضة خضعن لعمليات جراحية ناجحة في واو وبانتيو وتوريت، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد.

وأضاف: “عالجنا 184 امرأة وفتاة يعانين ناسور الولادة، وحصلت معظمهن على حزم إعادة إدماج”. وتابع: “استقبلنا اليوم في مستشفى توريت 24 ناجية من ناسور الولادة، وحتى الآن، حُدِّد مواعيد لعمليات جراحية لخمس منهن صباح الاثنين، وستخضع البقية لعمليات جراحية خلال الأسبوع”.

وقال: “سنواصل العمل معًا بعزم وتعاطف لضمان عدم إصابة أي امرأة أو فتاة في جنوب السودان بناسور الولادة”.

وقالت العديد من المريضات اللواتي فُضِّل عدم ذكر أسمائهن إنهن غالبًا ما يُطلَّقن من أزواجهن، وأعربن عن سعادتهن بحصولهن أخيرًا على العلاج.

روت إحدى المريضات: “عندما أُصبتُ بالناسور، طلبتُ من زوجي أن يأخذني إلى المستشفى، لكنه رفض، قائلًا إنني جلبتُ المرض من الخارج، وإن عليّ الذهاب بمفردي”.

وقالت مريضة أخرى إنها تعاني الناسور منذ عام 2014، وأن زوجها تزوج بأخرى وطَلَّقها.

وقال رجل رافق زوجته إلى غرفة العمليات إنه وقف بجانبها؛ لأن المرض لم يكن من صنعها.

وقال: “زوجتي مريضة الآن، لكن المرض لم يكن من صنعها. لطالما كنتُ معها في هذه اللحظة الحرجة، وأعدها بأن أكون قريبًا منها، دون أن عزلها كما فعل آخرون ممن تخلوا عن زوجاتهم”.