أساقفة الكاثوليك: العنف السياسي المستمر غير مبرر “إنه خيانة”

صرّح الأساقفة الكاثوليك في جنوب السودان، بأن العنف المستمر في جميع أنحاء البلاد، لا يمكن الدفاع عنه؛ لأنه ذو دوافع سياسية، ويعد خيانة من قبل القادة.

في رسالة مطولة، حملت بين طياتها الأسى والمناشدة، وجهها الأساقفة يوم “الجمعة”، إلى حكومة وشعب جنوب السودان بشأن الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية والإنسانية الراهنة، ذكر الأساقفة أنهم اجتمعوا في الاجتماع السنوي الإكليركي الكنسي في جوبا في الفترة من 7 إلى 11 يوليو 2025، تحت شعار “العدل والسلام يتعانقان” (المزمور 85:10)، وأنهم صلوا وتأملوا في الوضع الحالي في البلاد.

جاء في جزء من الرسالة “نكتب إليكم هذه الرسالة ببالغ الحزن والقلق الشديد إزاء الوضع المتقلب في بلدنا الحبيب. لقد شهدت الأشهر القليلة الماضية من عام 2025 تصاعدا في العنف وانعدام الأمن، وهذا يدفع شعبنا مرة أخرى إلى الخوف والنزوح والمعاناة واليأس”.

وأضافت الرسالة الذي حصل عليه راديو تمازج “بقلوب يعتصرها الحزن، ننقل الآن استياءنا مما نواجهه يوميا من تقارير عن قصف جوي ومدفعي، وكمائن مسلحة على الطرق والأنهار والطرق السريعة، ومواجهات عسكرية، وتقليص للمجال المدني وتقييد وسائل الإعلام، واشتباكات دامية في مواقع التجميع والقرى، وعمليات خطف واغتصاب، وغارات مدمرة على مستوى المجتمعات، واعتقالات وعداوات مقلقة وانعدام الأمن في جميع أنحاء جنوب السودان”.

وتابعت الرسالة “نرى المجتمعات ممزقة، وأرواحا بريئة تُزهق، وأشخاصا يُصابون، وتجنيدا قسريا للجماعات الإجرامية سيئة السمعة المعروفة بالنقرز وتورنتو، وعائلات تُجبر على الفرار من منازلها في خوف وألم، ويتفاقم ذلك بسبب الصعوبات الاقتصادية والجوع”.

وتساءل الأساقفة، بصفتهم رعاة للشعب ومواطنين، بدهشة “كيف يمكن لجنوب السودان أن يسمح لنفسه بالعودة إلى هذه الدوامة المؤسفة من الصراع والعنف واسع النطاق؟ ألم نعانِ بما يكفي من البنادق الفتاكة وعمليات القتل العبثية في تجاربنا المريرة السابقة؟ ألم نرَ كثيرًا كيف أخمَد العنف آمال شعبنا وشلّ السلام والتنمية؟”.

وأضافوا “على الرغم من التأكيدات المتكررة من رئيس الجمهورية، فخامة سلفا كير ميارديت، بأنه لن يعيد جنوب السودان إلى الحرب، وكذلك التصريحات العلنية المعلنة من قادة المعارضة بالتزامهم بتنفيذ اتفاقيات السلام، إلا أننا لا نزال نشهد غياب خطوات ملموسة للسلام والمصالحة”.

وفقا لأساقفة الكاثوليك، يمكن إرجاع الأزمات جميعها في البلاد إلى عدم تنفيذ الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في اتفاق السلام المنشط لعام 2018.

وذكرت الرسالة “مع ذلك، يتم تبني العمل العسكري على نحو خاطئ عوضا عن الحوار الحقيقي، كحل لمعالجة الخلافات السياسية والاجتماعية، ولذا، نسأل، حكومتنا وقادة المعارضة: هل لديكم حقا هذا البلد وشعبه في قلوبكم، أم أنكم مهتمون ومهووسون فقط بالسعي وراء السلطة والثروة؟”.

وأضافت الرسالة “ندعو إلى وصول فوري ودون عوائق للمساعدات الإنسانية عبر جميع مناطق النزاع، وهذا يشمل إنشاء ممرات محمية لتوصيل المساعدات، ومنح إعفاء ضريبي على السلع الإنسانية للمنظمات الدينية والإنسانية التي تخدم الفئات الضعيفة والمتضررة في جنوب السودان”.

وحث الأساقفة، قادة جنوب السودان على تذكر كلمات البابا فرنسيس الراحل خلال حجته التاريخية من أجل السلام إلى جنوب السودان في فبراير 2023، عندما ناشدهم “أيها الإخوة والأخوات، حان وقت السلام!… لا مزيد من إراقة الدماء، لا مزيد من الصراعات، لا مزيد من العنف والاتهامات المتبادلة حول من المسؤول عنها؛ لا مزيد من ترك شعبكم متعطشا للسلام… حان وقت قلب الصفحة”.

وقال الأساقفة “إننا نردد هذه الكلمات الحكيمة بإلحاح شديد لوضعها موضع التنفيذ، حتى يُنظر إلى جنوب السودان كبلد جيد بين مجتمع الدول”. وأضافوا “كراعاة لكم، يرجى الاستماع إلى ندائنا ومناشدتنا، العنف المستمر ذو الدوافع السياسية غير مبرر؛ إنه خيانة لدعوتكم النبيلة، توقفوا عنه وأثبتوا أنفسكم كحماة شرعيين وحقيقيين لشعب جنوب السودان، وحراس الدستور بصفته القانون الأسمى للبلاد، وأمناء على وحدة الأراضي، وكمسيحيين ومؤمنين بالله، نحن مدعوون لنكون شهودًا للسلام والعدالة، نحثكم على أن تصبحوا أدوات للمصالحة والشفاء”.

وحثوا المسيحيين والمؤمنين بالله على الثبات في الإيمان والمحبة والرجاء ورفض اليأس وممارسة المغفرة والشهادة ببسالة للسلام قولا وفعلا.

واختتمت رسالة الأساقفة، قائلة “نحن، الأساقفة الكاثوليك في جنوب السودان، نتشرف بأن نشهد الذكرى الرابعة عشرة لإعلان استقلال جمهورية جنوب السودان، بينما نجتمع في جوبا لاجتماعنا السنوي، نصلي أن يسير جميع أهل الخير من مختلف القبائل والأديان والانتماءات معا في هذا المسار الجديد، مؤمنين من جديد بالوعد بأن السلام ممكن، وأن أرضنا، الغنية جدا بالموارد والإمكانات، يمكن أن تزدهر في العدل والحرية والوحدة والمحبة”.

وتابعت الرسالة “فليكن عام اليوبيل هذا للأمل فجرا جديدا لجنوب السودان، فليكن وقتا للتحول والمصالحة الوطنية، لحظة تُصمت فيها الأسلحة تماما في كل مكان، وتبدأ الجروح في الالتئام بين المجتمعات والسياسيين والمجموعات العسكرية والمسلحة”.