دافع وزير العدل والشؤون الدستورية بجنوب السودان، جوزيف قينق أكيج، بشدة يوم الثلاثاء عن قراره بالإفراج بكفالة عن مالك وموظفي فندق “فريدوم” في جوبا، الذين اعتُقلوا في وقت سابق من هذا العام في أعقاب وفاة ثلاث فتيات في إحدى غرف الفندق في شهر مارس.
في مارس، عُثر على ثلاث فتيات من عائلة واحدة، متوفيات في غرفة بفندق “فريدوم” بحي أطلع برا في جوبا، وهن: أشول ووات أرول (21 عاماً)، أشول شول أرول (19 عاماً)، وأفينج شول أرول (15 عاماً). بعد ذلك، فُتحت قضية جنائية رقم 2174/2025 في مركز شرطة القسم الشمالي بجوبا بتاريخ 28 مارس بموجب المواد 206 و191 و48 من قانون العقوبات في جنوب السودان لعام 2008، واعتُقل مالك الفندق وخمسة مشتبه بهم آخرين، وأمضوا ما يقرب من سبعة أشهر في الحجز. وأُفرج عنهم لاحقاً بأمر من الوزير قينق، الذي قال إن احتجازهم تجاوز بكثير الحد الأقصى المسموح به بموجب قانون جنوب السودان وهو ثلاثة أشهر.
خلال حديثه أمام الجمعية التشريعية الوطنية، أوضح الوزير قينق أن تصرفاته استندت على نحو صارم إلى الإجراءات القانونية، ولم تتأثر بالضغط السياسي أو الرأي العام. وقد أجاب عن أسئلة حادة من البرلمانيين، الذين اتهمه بعضهم بالعمل خارج القانون لإصداره قرار الإفراج عن المشتبه بهم.
وشدد الوزير: “القانون لا يمنحنا سلطة اعتقال واحتجاز الناس حتى إشعار آخر دون تقديمهم إلى المحكمة، وعندما تُرتكب الجرائم، تقع على عاتق المدعي العام مسؤولية ضمان مثول المشتبه بهم أمام محكمة مختصة، وهذا ما وجهت به”.
وأوضح الوزير أن قرار منح الكفالة جاء بعد تقديم محامي المشتبه بهم شكوى، جادلوا فيها بأن موكليهم احتُجزوا لفترة طويلة جداً دون محاكمة.
وأوضح أن مدير النيابات العامة راجع الشكوى، ووجه بضرورة تقديم المشتبه بهم إلى المحكمة وإعادة فتح الفندق، مع إبقاء الغرفة التي وقعت فيها الجريمة مغلقة.
إلا أن هذا القرار ألغاه في البداية وكيل وزارة العدل، بعد استئناف من الفريق القانوني للمدعين. ثم استأنف محامو المشتبه بهم القرار لدى الوزير نفسه وهي عملية، كما قال قينق، منصوص عليها بجلاء في قانون جنوب السودان.
وقال للبرلمان: “في تعاملي مع الاستئناف، تصرفت وفقاً للقانون، وليس للسياسة، ودور وزارة العدل هو مقاضاة القضايا، وليس احتجاز الناس إلى أجل غير محدد، وأخذ القضية إلى المحكمة يضمن العدالة لكل من الضحايا والمتهمين”.
كما نفى الوزير الشائعات المتداولة عبر الإنترنت بأنه تلقى رشوة للإفراج عن المشتبه بهم، واصفاً هذه المزاعم بأنها “لا أساس لها وخبيثة”. وأكد أن القرار كان قانونياً بحتاً، وأن القضية لا تزال قائمة في محكمة الاستئناف.
وقال: “لقد استأنف المحامي الخاص للمدعين قراري، إنهم يطلبون من محكمة الاستئناف إبقاء المشتبه بهم في الحجز وإغلاق الفندق حتى إشعار آخر، لكن العدالة تتطلب محاكمة القضية في المحكمة، وعدم تأخيرها بسبب تأثير سياسي أو عاطفي”.
وأكد الوزير قينق، أن توجيهه لم يرفض التهم الموجهة إلى المشتبه بهم، بل هدف فقط إلى ضمان سير القضية عبر القنوات القضائية الصحيحة. وشدد قائلاً: “لم أرفض القضية، بل وجهت بأخذها إلى المحكمة للمحاكمة”.
لقد حظيت قضية فندق “فريدوم” باهتمام شعبي واسع، وأثارت جدلاً حول تعامل الحكومة مع القضايا الجنائية البارزة. وقد عُثر على الفتيات الثلاث المتوفيات في إحدى غرف الفندق في مارس، مما أثار غضباً ومطالبات بتحقيق العدالة السريعة.
وحث الوزير المشرعون والجمهور على احترام الإجراءات القانونية الواجبة والسماح للسلطة القضائية بتحديد النتيجة بناءً على الأدلة والقانون. واختتم قائلاً: “يقوم نظامنا القضائي على افتراض البراءة حتى تثبت الإدانة. المحاكم، وليس السياسيون أو وسائل الإعلام هي التي تملك الكلمة الأخيرة بشأن من هو مذنب أو بريء”.



