تتجه نساء مقاطعة نهر ياي، بولاية الاستوائية الوسطي ، بشكل متزايد إلى الزراعة كسبيل للعيش لتخفيف الصعوبات الاقتصادية.
تقع ياي على بُعد حوالي 160 كيلومترًا غرب العاصمة جوبا، وقد اشتهرت منذ زمن طويل بأراضيها الخصبة وزراعتها المزدهرة التي تعتمد على الكفاف.
حاليًا، يزرع ما بين 30% و43% من أسر المنطقة محاصيل مثل الذرة والكسافا والذرة الرفيعة والفاصوليا والفول السوداني والسمسم والبازلاء الهندية، وغيرها.
بعد أن كانت تُعتبر سلة غذاء ولاية الاستوائية الوسطي ، تضررت الإمكانات الزراعية في ياي بشدة بسبب سنوات من انعدام الأمن ، حيث أدى اندلاع الصراع في عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٦، إلى تفكيك جزء كبير من القدرة الزراعية التجارية للمقاطعة ، و نزح المزارعون أو حُصروا في قطع أراضي صغيرة أقل إنتاجية بالقرب من المدينة، وانخفض إنتاج البن بأكثر من ٧٠٪، وهُجرت العديد من المحاصيل. أدى ذلك إلى ضياع مواسم الزراعة، ونقص الغذاء، وارتفاع حاد في الأسعار المحلية.
على الرغم من هذه التحديات، تقود النساء في ياي جهودًا لإنعاش الإنتاج الزراعي ، ويغامر الكثيرون بالانتقال إلى مناطق خارج المدينة بحثًا عن أراضٍ صالحة للزراعة .
من بينهن امرأة تبلغ من العمر ٣٥ عامًا، تُدعى جينتي أوبا إلياس، التي انتقلت، بعد أن فقدت عملها التجاري الصغير بسبب الصراع، إلى منطقة تُسمى قوجا على بُعد تسعة أميال جنوب ياي على طريق ياي-إيوتوكا ، ومع عودة الاستقرار تدريجيًا، استأنفت الزراعة في قطع الأراضي المهجورة، عازمةً على إعادة بناء سبل عيشها من خلال الزراعة.
وقالت “ما أفعله حاليًا في ياي هو الزراعة. كنتُ سابقًا أمارس الزراعة هنا في مدينة ياي، ولكن نظرًا لضيق المساحة، قررتُ الذهاب الي مكان يُدعى قوجا”.
أوضحت “عادةً، بعد الحصاد، أنقل منتجاتي الزراعية إلى جوبا. منذ أن بدأتُ الزراعة، تغيرت حياتي كثيرًا، وأصبح بإمكاني الآن دفع رسوم المدارس لأطفالي وفواتير المستشفى الخاصة بهم. لا بد لي من القول، هذه هي نعمة الزراعة”.
وحثّت الحكومة على ضبط التضخم واستقرار العملة المحلية حتى يتمكن المزارعون من الحصول على أسعار أفضل لمنتجاتهم.
من جانبها، كشفت آنا داوا، وهي امرأة تبلغ من العمر 23 عامًا، أنها تعمل في الزراعة وفي مشاريع صغيرة.
وقالت ” أعلم أن الوضع صعب هنا، لكننا نتدبر أمورنا بالعمل الجاد. أعمل في الزراعة، ولكن ليس بكثرة. اهتمامي الأساسي هو التجارة، أبيع ملابس ونعال نسائية”.
في غضون ذلك، أكدت روز كيدن، إحدى القيادات النسائية في ضاحية هاي طراوة بمدينة ياي، أن العديد من النساء قد اتجهن إلى الزراعة والتجارة للبقاء على قيد الحياة.
وأضافت “النساء في ياي مجتهدات حقًا. فرغم صعوبة الحياة وندرة المال، ما زلن يمارسن الزراعة ويتاجرن. معظمهن يزرعن الخضراوات ويبيعنها في السوق”.
وبينت “الناس مهتمون بالزراعة، لكن المشكلة الوحيدة هي عدم توفر الأراضي بالقرب من المدينة. الزراعة في المناطق الريفية غير آمنة بسبب انعدام الأمن. هذه هي التحديات التي نواجهها في ياي”.
وبينت “يتوفر ما يكفي من الغذاء في الأسواق الريفية، لكن انعدام الأمن وضعف البنية التحتية يشكلان تهديدًا خطيرًا للسكان”.
وشجعت النساء اللواتي يملكن الأراضي على الدخول في مجال الزراعة.
يشير هذا التوجه المتجدد للنساء نحو الزراعة إلى تنامي الصمود في ياي، وأمل في استعادة سمعتها كمركز زراعي حيوي في ولاية الاستوائية الوسطي.
وعند سؤاله عن الوضع الأمني العام في المقاطعة وإمكانية التوسع الزراعي في المناطق الريفية، أقرّ إيمانويل تعبان سيمي، محافظ مقاطعة نهر ياي، بوقوع حوادث متفرقة من عمليات السطو المسلح على الطرق الرئيسية التي تربط ياي بمقاطعات موروبو ولانيا وكاجوكيجي المجاورة، لكنه قال إن هذه الحوادث طبيعية ولا تعكس الوضع العام للمقاطعة.
وقال “إن عمليات السطو على الطرق تحدث في كل مكان، لكنها لا تعكس الوضع العام للمنطقة”.