لطالما كانت مقاطعة فانقاك النائية، الواقعة في الجزء الشمالي من ولاية جونقلي، مسرحًا لاشتباكات متقطعة منذ أشهر، حيث يتحمل السكان المدنيون العبء الأكبر من تصاعد العنف.
كان الوضع الأمني هشا في أجزاء من جنوب السودان منذ منتصف فبراير. بدأ الأمر باشتباكات متقطعة بين قوات دفاع شعب جنوب السودان، المتمركزة في الناصر وعناصر “الجيش الأبيض”، وهو تجمع من شباب النوير المسلحين تزعم الحكومة أنهم مرتبطون بالنائب الأول للرئيس رياك مشار وحركته، الجيش الشعبي لتحرير السودان في المعارضة.
في 4 مارس، تصاعد العنف بسيطرة “الجيش الأبيض” على مدينة الناصر. ولاحقا، في 7 مارس، تعرضت بعثة إجلاء تابعة للأمم المتحدة لإطلاق نار، مما أسفر عن مقتل قائد حامية الجيش الحكومي في الناصر، الفريق أول ديفيد مجور داك وحراسه الشخصيين. كما قُتل موظف بالأمم المتحدة في الهجوم.
وفي خطوة زادت تفاقم الوضع المتردي بالفعل، شرعت أجهزة الأمن القومي في البلاد في حملات اعتقال استهدفت كبار المسؤولين في الحركة الشعبية في المعارضة، بقيادة رياك مشار. ومن بين كبار المسؤولين الذين تم اعتقالهم وزير النفط القومي فوت كانق والجنرال دوب لام، الذي يشغل أيضا منصب رئيس أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان في المعارضة.
مع استمرار الاضطرابات السياسية والأمنية، التي تدخل شهرها الرابع الآن، لا يتصاعد العنف فحسب، بل ينتشر أيضا، بينما يتدهور الوضع الإنساني إلى حد بعيد.
في فانقاك التي يصعب الوصول إليها، أفاد العديد من السكان يوم الأربعاء لراديو تمازج، بأنهم عالقون في الحرب وسط أزمة إنسانية حادة.
وقال قبريال نينق قاتلواك، أحد سكان فانقاك “بينما نتحدث، تحوم طائرة أنتونوف عسكرية في سماء مخابئنا في الأدغال، وأعتقد أن هذا رد على القتال الذي اندلع بين قوات دفاع شعب جنوب السودان، والشباب المحليين في منطقة وي- مون في وقت مبكر من صباح اليوم”.
وأضاف “لقد هربت من وي-مون قبل أربعة أيام، ونحن الآن في الأدغال، وهذا بعد مقتل سبعة أشخاص، بينهم طفلان، جراء غارات جوية”.
وقال: “نحن حوالي 2000 إلى 3000 شخص تحت الأشجار بدون طعام أو دواء أو مأوى، ووضعهم مزرٍ”.
وقالت المواطنة نيكونق تاي، إنهم يعتمدون على النباتات المائية للحصول على الغذاء منذ فرارهم من منازلهم.
وتابعت: “الأطفال والنساء وكبار السن هنا منذ أسبوع بلا طعام أو أدوية، ونعتمد على النباتات المائية كغذاء، وأمطرت علينا الليلة الماضية؛ لأننا لا نملك مأوى وأطفالنا يعانون”.
وأضافت “أنا هنا منذ 8 أيام، هربنا بلا ملابس أو طعام، ونريد طعاما، لكننا عوضا عن ذلك نرى طائرات مروحية حربية تحوم فوق رؤوسنا، وعندما تأتي هذه الطائرات، نركض تحت الأشجار”.
وقال قوانار نيلونج، وهو طالب يبلغ من العمر 14 عاما، “إن العنف والنزوح الناتج عنه يعني عدم الذهاب إلى المدرسة، وقد ندد بالوضع، وناشد من أجل السلام وتحسين الخدمات”.
وقال: “نعاني تحت الأشجار بدلا من أن نكون في المدرسة، ومع ذلك فقد أنهيت توا تعليمي الابتدائي بدرجة 412”. وأضاف: “وضعنا سيئاً للغاية؛ لا طعام ولا أدوية ولا بطانيات، بينما يستمر المطر في الهطول علينا، ونريد أن يعم السلام”.
من جانبه، قال مايكل بول قاتدور، عضو المجلس التشريعي بولاية جونقلي ممثل منطقة فانقاك لراديو تمازج، إن القتال مستمر في فانقاك منذ بداية الشهر، وأن السكان المدنيين محاصرون في الحرب بدون خدمات أساسية.
وقال “فانقاك الآن مسرح للقتال والغارات الجوية، والمدنيون يعانون، ونطلب وقف القتال، ونناشد بتدخل المساعدات”.