قالت محامية في جنوب السودان إنها تعرضت لاعتداء جسدي في مركز للشرطة من قبل رجال يُزعم أنهم أُرسلوا من قبل حاكم ولاية سابق، وذلك وسط قضية طويلة الأمد تتعلق بفتاة مراهقة تواجه زواجاً قسرياً.
وأوضحت المحامية جوزفين أديت دينق، في تصريح لراديو تمازج أنها تلقت “لَكْمَة” صباح الأربعاء في مركز شرطة القسم الشمالي بالعاصمة جوبا، وزعمت أن مجموعة تصرفت بناءً على أوامر من الجنرال مانيم بول مليك، الحاكم السابق لولاية واراب.
ويُعد هذا الاعتداء المزعوم أحدث تصعيد في قضية تتولى المحامية أديت متابعتها منذ عام 2022، والتي تتعلق بفتاة حاولت عائلتها مراراً إجبارها على الزواج.
وقالت اديت إنها كانت في مركز الشرطة يوم الأربعاء للرد على شكوى قُدِّمت ضدها من قبل الجنرال مانيم بول وآخرين، الذين اتهموها بــ “اختطاف ابنتهما”.
وتابعت: “بعد أن أدليت بإفادتي، وشرحت أن الفتاة تحت حماية وزارة النوع الاجتماعي والرعاية الاجتماعية، وأبلغ المحقق بذلك”.
وأضافت: “بعد هذه المعلومات، جاء أولئك الأشخاص وعددهم حوالي ثمانية، وتوقفوا عند بوابة مركز الشرطة، وأمرهم الجنرال مانيم بمهاجمتي بحضور المحقق وضباط شرطة آخرين”.
وقالت المحامية إنها تعرضت للَّكم، وفتحت منذ ذلك الحين قضية منفصلة بشأن الاعتداء وسعت للحصول على علاج في المستشفى. وأضافت: “كان التوتر شديداً جداً في ذلك اليوم”.
وذكرت المحامية أن الفتاة فرت مجددا من منزل العائلة في جوبا بعد أن أُخذت من مركز شرطة معونا، ثم أبلغت وزارة النوع والرعاية الاجتماعية.
وبدأت القضية في عام 2022 عندما فرت الفتاة، التي كانت تبلغ من العمر 14 عاماً، وتدرس في المرحلة الابتدائية آنذاك، إلى مكتب المحامية أديت. وقالت إن والدها في القرية رتَّب زواجاً لها في تونج الشرقية، وأنها تريد مواصلة تعليمها عوضا عن ذلك.
رفعت المحامية أديت قضية، مما أدى إلى اعتقال والد الفتاة. وعُقد اجتماع في مركز الشرطة بتاريخ 12 أكتوبر 2022، حضره عمها الجنرال مانيم بول وعم آخر، النائب جوك دوت مليك.
وُقِّع اتفاق ينص على وقف الزواج، والسماح للفتاة بالدراسة حتى سن 25 عاماً على الأقل، وأن تعمل المحامية أديت كوصية عليها.
وانتقلت الفتاة إلى المدرسة الثانوية، ولكن في عام 2025، أبلغت عن ضغوط جديدة للزواج. وقالت أديت إن الفتاة أخبرتها عن خطيبين جديدين، أحدهما طالب في القاهرة يعرض 141 بقرة وسيارة، والآخر رجل أعمال في جوبا له علاقات بأعمامها، يعرض 150 بقرة وسيارة.
وأفادت التقارير أن والد الفتاة كان يفضل الخاطب في القاهرة الذي اختاره هو أولاً، لكن أعمامها يزعم أنهم يفضلون رجل الأعمال في جوبا.
وتصاعد الوضع في نوفمبر 2025 عندما زعمت المحامية أديت أن الجنرال مانيم بول والنائب جوك وآخرين دخلوا عنوة إلى المدرسة الداخلية للفتاة، مدرسة دارلينق ويزدوم الثانوية، لاصطحابها إلى المنزل للزواج بعد أن هربت من منزل العائلة في جوبا.
عندما ساعد الطلاب الفتاة على الهروب إلى مركز شرطة قريب، زُعم أن الرجال أخذوا ثلاثة معلمين معهم.
وقالت المحامية أديت: “بعد أن تأكدوا أن الفتاة كانت في مركز شرطة معونا، أطلقوا سراح المعلمين، وجاءوا إلى مركز الشرطة، وأخذوا الفتاة بالقوة من المركز، لكن الفتاة هربت مؤخراً من المنزل، وذهبت إلى وزارة النوع والرعاية الاجتماعية”.
وأكد النقيب نقور مجوك، ضابط في مركز شرطة معونا، لراديو تمازج أن الفتاة جاءت إلى المركز بعد خلاف مع عائلتها حول الزواج.
وقال: “عندما علم الأعمام أن الفتاة الصغيرة جاءت إلى مركز الشرطة هنا، التقيناهم ونصحناهم بالذهاب والاجتماع كعائلة بشأن القضية؛ لأنه لم تكن هناك قضية مفتوحة لدينا، ولم يكن هناك متهم”.
وأكد أن الفتاة غادرت مركز الشرطة لاحقاً مع أعمامها.
من جانبه أكدت شاريتي دينيس، المسؤولة عن حماية الطفل في وزارة النوع والرعاية الاجتماعية، لراديو تمازج أن القضية معهم، وأن المحامية أديت “تواجه مشاكل مع عائلة الفتاة”.
وقالت: “الوزارة تدرس القضية حتى يمكن التعامل مع الأمر”، مضيفة أن الفتاة كانت تسير بشكل جيد في دراستها، حتى عادت قضية الزواج للظهور.
وعند الاتصال به، نفى عم الفتاة، النائب جوك دوت مليك، علمه بأي شيء عن قضية زواج الفتاة.
كما تعذر الوصول إلى الجنرال مانيم بول مليك للتعليق فورا.
يضمن دستور جنوب السودان الانتقالي الحق في الموافقة الحرة على الزواج. ومع ذلك، يظل التنفيذ تحديا كبيرا، حيث غالباً ما تسود الأعراف القبلية والقوانين العرفية.
وقالت المحامية أديت إنها لا تزال مصممة على مواصلة القضية، على الرغم من الاعتداء.
وتابعت: “جاءت الفتاة لطلب المساعدة وأخبرتني- لا أريد الرجل الذي اختارته عائلتي للزواج؛ لأنني أريد إنهاء تعليمي، وتحت الضغط، اختارت أيضاً الرجل الذي اختاره والدها، وهو الآن طالب في القاهرة، بينما يريد أعمامها أن تتزوج الرجل الموجود في جوبا”.
وأضافت: “هذا هو ما نكافح من أجله”.



