محاكمة مشار: جندي يروي تفاصيل “الفدية” واقتحام حامية الناصر أمام المحكمة الخاصة

أدلى جندي من قوات دفاع شعب جنوب السودان، يوم الاثنين، بشهادة مثيرة أمام المحكمة الخاصة، كشف فيها عن دفع عائلته فدية مالية ضخمة مقابل إطلاق سراحه، عقب وقوعه في الأسر لدى مقاتلي المعارضة إثر الهجوم الدموي على حامية “الناصر” العسكرية في مارس 2025.

جاءت هذه الشهادة ضمن محاكمة رفيعة المستوى لنائب الرئيس الأول “الموقوف” الدكتور رياك مشار وسبعة من معاونيه، الذين يواجهون تهماً ثقيلة تشمل القتل، الخيانة العظمى، والجرائم ضد الإنسانية.

وتعود القضية إلى هجوم وقع في ولاية أعالي النيل، أسفر عن مقتل اللواء ديفيد مجور داك، وأكثر من 250 جندياً، بالإضافة إلى أحد أفراد طاقم مروحية تابعة لقوات حفظ السلام الأممية.

وأفاد شاهد الإثبات الخامس، الرقيب أول أتير بول فيول، وهو أحد الناجين من الهجوم، بأنه أُسِر في 12 مارس 2025 على يد مقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان في المعارضة وميليشيا “الجيش الأبيض” المتحالفة معهم.

وروى فيول خلال الجلسة الرابعة والثلاثين المنعقدة في “قاعة الحرية” بجوبا، أن حياته أُنقذت في البداية بفضل تدخل ضابط برتبة عميد يدعى “نيون”، والذي منع المقاتلين من قتله. قائلاً: “لا تقتلوه فقد سبق له علاج طفلي”.

وذكر الشاهد أنه نُقل لاحقاً إلى قائد في المعارضة بمقاطعة “أولانق” يدعى اللواء “طيج”، والذي طالب بفدية قدرها 20 ألف دولار أمريكي في 16 مارس.

وقال فيول للمحكمة: “أخبروني أن أتواصل مع عائلتي لتدبير المال مقابل إطلاق سراحي”، مشيراً إلى أنه احتج حينها بأن راتبه لا يتجاوز 90 ألف جنيه جنوب سوداني، وأنه لا يملك سبيلاً لجمع هذا المبلغ الضخم.

وأوضح فيول أن عائلته تمكنت في نهاية الأمر من جمع 11.5 مليون جنيه جنوب سوداني، حُوِّلت إلى حساب باسم “قاتويج رينقديت”، وأضاف: “سمعت أنهم دفعوا، لكنني لم أرَ عملية الدفع بنفسي”.

وتضمنت الشهادة تفاصيل حول عملية إخلاء الشاهد مع ثمانية جنود آخرين غير مسلحين عبر مدرج طيران في منطقة “روبووت”. وزعم فيول أن عميداً في قوات دفاع شعب جنوب السودان، أظهر خطابين؛ أحدهما منسوب لرياك مشار يأمر بإجلائهم إلى العاصمة جوبا، والآخر منسوب للرئيس سلفاكير ميارديت يتضمن تحذيراً بسلامة أحد أقارب فيول.

كما ادعى الشاهد أنه تحدث هاتفياً مع مشار في 15 مارس في أثناء فترة أسره، زاعماً أن مشار عرض عليه الانضمام إلى قوات المعارضة وترقيته إلى رتبة عقيد مقابل سحب معدات عسكرية من حامية الناصر، وهو ما رفضه الشاهد. قائلاً “أخبرته أنني لن أعود إلى هناك بسبب البعوض والأوحال”.

من جانبه، شكك محامي الدفاع عن مشار، أنيس تومبي أغوسطينو، في الجدول الزمني لرواية فيول خلال الاستجواب، بينما تصر النيابة على أن فشل القيادة أدى إلى مقتل الجنود في الناصر.

وأكد فيول أن حالته لم تكن فردية، قائلاً: “كل واحد منا “الجنود” أُحضر عن طريق أشخاص يعرفونه بعدما دفعت عائلاتهم الفدية”.

هذا وقررت المحكمة، التي تترأسها لجنة من ثلاثة قضاة، تأجيل الجلسات إلى 5 يناير 2026 لاستكمال سماع بقية الشهود، مع استمرار غياب أحد المتهمين الثمانية لأسباب صحية.