أكدت الحكومة الانتقالية في جنوب السودان مجدداً التزامها باتفاق السلام لعام 2018، رغم مواجهة النائب الأول لرئيس الجمهورية المُعلّقة مهامه، رياك مشار، وسبعة متهمين آخرين من الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة المحاكمة بتُهم الخيانة العظمى والقتل.
وتُواجه الحكومة الانتقالية تشكيكاً متزايداً من المراقبين حول التزامها الكامل بالاتفاق، خاصة وأن محاكمة زعيم المعارضة رياك مشار تُهدد بعرقلة مسار البلاد نحو أول انتخابات لها.
يوم الاثنين، جدد وزير شؤون مجلس الوزراء، مارتن إيليا لومورو، التزام الحكومة الانتقالية باتفاق السلام وبإجراء الانتخابات في ديسمبر 2026. جاءت تصريحاته خلال مخاطبة دبلوماسيين في احتفال باليوم الوطني للصين في جوبا.
وقال لومورو: “يجب أن أؤكد أن التحقيقات الجارية التي تشمل قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة غير مرتبطة بشكل مباشر بتنفيذ السلام والمسار نحو الانتقال الديمقراطي والانتخابات في ديسمبر 2026”.
في المقابل، انتقد محللون مستقلون ونشطاء مجتمع مدني تصريحات الحكومة، مؤكدين أن الإجراءات القانونية ضد مشار، وهو أحد الأطراف الرئيسية في اتفاق السلام لعام 2018، تقوض مباشرة مبادئ الوحدة والشمول الأساسية للاتفاق.
وقال المحلل السياسي جيمس بابويا: “محاكمة رياك مشار ستؤثر على السلام، لأنه الموقّع الرئيسي على الاتفاق، كما أن عدم الاستقرار يردع المستثمرين”. ووصف بابويا تصريحات لومورو بأنها “مدفوعة سياسياً ومنفصلة عن الحقائق على الأرض”.
وحذر بابويا، في تصريح لراديو تمازج، من أن الخلاف الواضح بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار قد زاد من تآكل الثقة العامة في مسار عملية السلام. وأضاف: “غياب الوحدة بين الرئيس ونائبه الأول قد خلق فجوة ثقة، فبدون الاستقرار السياسي والتزام موثوق بالاتفاق، سيظل الشركاء الدوليون والمستثمرون مترددين في دعم تعافي جنوب السودان”.
كما حذر بابويا من أن البلاد، التي أظهرت تقدماً، تتراجع الآن نحو أزمة إنسانية متفاقمة تتسم بالصعوبات الاقتصادية ونقص حاد في السيولة.
من جانبه، حذر ناشط المجتمع المدني تير منيانق قاتويج من أن عملية السلام تخاطر بفقدان شرعيتها إذا لم يشارك جميع الموقعين بالكامل.
وتابع قاتويج: “لا يمكنك الزعم بالالتزام باتفاق السلام لعام 2018، بينما يُستبعد أحد الموقعين الرئيسيين عليه”. وأكد أن غياب المشاركة الكاملة يجعل التنفيذ ناقصاً ويقوض الاتفاق الذي يهدف إلى إخراج البلاد من عقود من الصراع. وحث القادة السياسيين على الالتزام الصارم بأحكام الاتفاق.