المعارضة ترحب بـ “توماني” وتُحذر: محاكمة مشار “تهدد بانهيار البلاد”.

رحب فصيل من المجموعات المعارضة في جنوب السودان “غير الموقعة على الاتفاقية المنشطة”، بالإعلان الأخير للحكومة الانتقالية عن دراسة استئناف محادثات السلام ضمن “مبادرة توماني”، التي كانت قد أعلنت في وقت سابق عن وفاتها. وفي الوقت ذاته، انتقد الفصيل محاكمة نائب الرئيس رياك مشار، محذراً من تبعاتها الخطيرة على استقرار البلاد.

جاء هذا الإعلان على لسان نائبة الرئيس جوزفين لاقو في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الموافق 25 سبتمبر. وكشفت لاقو عن أن الحكومة تدرس استئناف مبادرة توماني وحثت الشركاء الإقليميين والدوليين على تسهيل هذه العملية. وكانت محادثات السلام التي تقودها كينيا قد أُجلت إلى أجل غير مسمى في 7 فبراير 2025، دون التوصل إلى قرار.

في يوليو، أعلن كوال منيانق، كبير مستشاري الرئيس سلفا كير ورئيس وفد التفاوض الحكومي في محادثات توماني، عن “وفاة” المبادرة. وصرح بأنها انحرفت عن ولايتها الأصلية وحاولت تجاوز الاتفاق المنشط لحل النزاع في جنوب السودان لعام 2018.

أُطلقت مبادرة توماني في نيروبي في مايو 2024، بهدف دمج الجماعات المُعارِضة التي لم توقع على اتفاق السلام لعام 2018. تشمل هذه الجماعات: “الحركة الشعبية لتحرير السودان- الأصل بقيادة فاقان أموم”، “الجبهة المتحدة لجنوب السودان المسلحة بقيادة رئيس الأركان السابق فول ملونق أوان”، “حركة شعب جنوب السودان، بقيادة الجنرال إستيفن بواي رولنيانق”، وفصيل “جبهة الخلاص الوطنية بقيادة ماريو لاكو توماس”. تندرج هذه الجماعات تحت ائتلاف يطلق على نفسه اسم “تحالف الشعب المتحد” بقيادة فاقان أموم.

وقال لوال داو، الأمين العام لائتلاف المعارضة “تحالف الشعب المتحد، في تصريح لراديو تمازج الثلاثاء، إن مجموعته ترحب بأي جهد يمكن أن يؤدي إلى “سلام ومصالحة دائمة في البلاد”، مشيراً إلى معاناة شعب جنوب السودان وإيمانه بأن السلام هو الأهم.

وشكّك داو، الذي يشغل أيضاً منصب المتحدث باسم الائتلاف، في صدق خطوة الحكومة الأخيرة التي أعلنت فيها وفاة محادثات السلام دون إبلاغ المعارضة أو الوسطاء الكينيين رسمياً، مشيراً إلى أن الإعلان نُقل عبر وسائل الإعلام بدلاً من القنوات الدبلوماسية الرسمية.

وتابع: “البيان الأول من الحكومة في جوبا صدر عبر وسائل الإعلام، ولم يكن هناك بيان رسمي؛ وأحياناً نعتبره رأياً شخصياً”. وعندما سُئل عمّا إذا كان يعتقد أن محادثات جديدة يمكن أن تُستأنف، قال إن مجموعات المعارضة مستعدة لحوار حقيقي، لكن المحادثات السابقة توقفت بسبب الحكومة. وأضاف: “جنوب السودان ليس لديه خيارات أخرى سوى السلام والمصالحة”.

من جانبه، أعرب داو عن قلقه إزاء محاكمة الخيانة الجارية للنائب الأول للرئيس الدكتور رياك مشار وسبعة مسؤولين آخرين متهمين من الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة. ووصف إجراءات المحكمة بأنها “خطيرة جداً” وحذّر من أنها قد تؤدي إلى “انهيار البلاد”.

ودعا الرئيس سلفا كير إلى استخدام سلطاته الدستورية لوقف المحاكمة، محذراً من أن الإدانة يمكن أن تُشعل عنفاً عرقياً واسع النطاق. وقال: “يمكن للرئيس أن يتصل بوزير العدل ويأمره بتعليق إجراءات المحكمة، وإذا مضت المحكمة قدماً، أعتقد أنه سيكون هناك عنف وانعدام أمن واسع الانتشار”.

وأضاف داو أن “المحاكمة يُنظر إليها بشكل مختلف من قبل مختلف شرائح المجتمع في جنوب السودان. فبينما يراها مؤيدو الحكومة فرصة للعدالة والمساءلة، لكن كثيرين يرونها تهديداً سياسياً ضد مشار ومؤيديه”. مؤكداً أن “المصالحة والسلام بين الرئيس والنائب الأول للرئيس يمكن أن يصالِحَا المجتمعات ويمكن أن يمتد إلى مجموعات المعارضة الأخرى”.

وأكد أن مجموعته تؤمن بالعدالة لجميع ضحايا نزاعات البلاد، لكنه أصر على أن المحكمة الحالية في جوبا ليست المكان المناسب. وقال: “يجب أن يذهب كل هؤلاء الأشخاص إلى محكمة عادلة، المحكمة التي تُعقد في جوبا هي محكمة خطيرة جداً، ويمكن أن تؤدي إلى انهيار البلاد”.