شهدت جلسة الاستماع يوم الأربعاء في المحكمة الخاصة بجوبا، إفادة من شاهد ادعاء ربطت النائب الأول للرئيس “المعلق”، الدكتور رياك مشار، بمسؤولية القيادة عن عمليات القتل التي وقعت في الناصر في مارس 2025. جاء هذا الزعم بعد أن طالب محامو الدفاع مراراً بأدلة مباشرة تربط مشار بمقتل أكثر من 200 جندي حكومي.
ويعد مفهوم “مسؤولية القيادة”، مبدأً قانونياً يمكن بموجبه تحميل القادة العسكريين المسؤولية عن الجرائم التي يرتكبها جنودهم، حتى لو لم يصدروا أوامر مباشرة بارتكابها.
وقُدمت هذه الأدلة خلال الجلسة التاسعة والعشرين من المحاكمة رفيعة المستوى في قاعة الحرية، التي استُؤنفت بعد تأجيل تسبب فيه مرض القاضي استيفن سايمون.
شهدت الجلسة استمرار محامي الدفاع في استجواب الرائد بيتر ملوال، عضو لجنة التحقيق العسكري التابعة لقوات دفاع شعب جنوب السودان، وشدد محامي الدفاع كور لوال كور، على الشاهد بشأن غياب دليل مباشر ضد مشار.
وأقر الرائد بيتر بأن اللجنة لم تتوصل إلى أدلة سمعية أو بصرية تُظهر أن مشار أمر مباشرة بقتل قائد الحامية، اللواء ديفيد مجور داك.
كما شكك الدفاع فيما إذا كان مشار قد حاول بالفعل مساعدة الجنود المحاصرين في الناصر، مستفسراً عما إذا كان قد أشرف على إجلاء 198 من قوات دفاع شعب جنوب السودان، أو طلب طائرات أممية لإنقاذهم، أو قدم لهم الطعام والماء عبر المسؤولين المحليين.
ونفى الرائد بيتر هذه المزاعم، مشيراً إلى أن الجنود نجوا بفضل دجاج كان موجوداً في الحامية ومياه تشغيل مركبة، وقال إن اللجنة وجدت أن عملية الإجلاء نفذتها قوات دفاع شعب جنوب السودان، على الرغم من استشارة مشار لأن الناصر كانت تحت سيطرة الجيش الشعبي في المعارضة.
وتصاعد التوتر لفترة وجيزة عندما سأل الدفاع عما إذا كانت اللجنة العسكرية قد تعاونت مع تحقيق موازٍ للشرطة، فرد الرائد بيتر بحدة بأنه “لا يوجد سبب للتعاون” ولم يكن هناك تعاون من هذا القبيل.
وركز تبادل مهم للأسئلة على الخسارة الفادحة للمعدات العسكرية أثناء سقوط الحامية، واستفسر محامي الدفاع وارنيانق كير وارنيانق عن أسلحة تُقدر قيمتها بنحو 58 مليون دولار يُزعم التخلي عنها خلال انسحاب قوات دفاع شعب جنوب السودان.
وقدم الرائد بيتر سرداً مفصلاً لعملية الانسحاب الفوضوية، وشهد بأن المنطقة اجتيحت بالكامل، وقُتل أكثر من 200 جندي من قوات دفاع شعب جنوب السودان في القتال، وذكر أنه في حالة الفوضى، فر العديد من الجنود الناجين للنجاة بحياتهم دون أسلحتهم الشخصية.
وأوضح كذلك أن بعض الأسلحة النارية لم يتم التخلي عنها فحسب، بل سُلمت لميليشيا “الجيش الأبيض” كفدية للإفراج عن رفاقهم الأسرى. بالإضافة إلى ذلك، أكد أن الأسلحة والمركبات الأثقل التي تُرِكت في الحامية استولت عليها لاحقاً عناصر من قوات الجيش الشعبي في المعارضة التابعة لمشار.
بعد الاستجواب المتبادل، أعادت المدعية العامة مارثا جوبي جيرمايا فحص شاهد آخر، يُشار إليه باسم دينق، الذي قدم حجة الادعاء المضادة “أن سلطة مشار الشاملة تجعله مسؤولاً”.
وشهد دينق بأنه بصفته القائد العام لمجموعة الجيش الشعبي في المعارضة، شكّل مشار لجنة في 1 مارس 2025 للإشراف على تحركات قوات دفاع شعب جنوب السودان في الناصر، وقد تعرضت الحامية للهجوم بعد يومين.
وزعم دينق أن هذه اللجنة ضمت قائد “الجيش الأبيض” العقيد تور قيلي ونائبه، كانق مكنة، الذي قاد الهجوم الثاني. واستشهد بأدلة فيديو يظهر فيها كانق مكنة والمحافظ السابق لمقاطعة الناصر، جيمس قاتلواك ليو، وهما يعلنان انحيازهما لمشار وفصيل الجيش الشعبي في المعارضة، وتُظهر لقطات إضافية مزعومة تورقيلي وهو يقدم إحاطة لشباب “الجيش الأبيض” ويحدد خطة الهجوم على الحامية العسكرية.
وقال دينق، للمحكمة إن “هذه الأفعال تدل على مسؤولية القيادة،” مجادلاً بأن القائد وحده هو من يمكنه التصريح بمثل هذه العمليات دون أن يكون موجودا فعليا.
وصرح قاضي المحاكمة أن شهادة الشاهد تتطلب مزيداً من المراجعة، وتم تأجيل المحكمة وستُستأنف يوم الجمعة الموافق 12 ديسمبر، حيث ستقوم هيئة المحكمة باستجواب الرائد بيتر ملوال مباشرة.
يواجه الدكتور رياك مشار وسبعة متهمين آخرين تهم متعددة تشمل: القتل، التآمر، الإرهاب، تمويل الإرهاب، الخيانة العظمى، تدمير الممتلكات العامة، والجرائم ضد الإنسانية.
وتتعلق التهم باشتباكات وقعت في مقاطعة الناصر في مارس 2025 بين “الجيش الأبيض” وهي ميليشيا مجتمعية وقوات دفاع شعب جنوب السودان، مما أدى إلى مقتل اللواء ديفيد مجور داك و257 جندياً.



