هددت حكومة جنوب السودان بشن حملة صارمة على البنوك التجارية التي تتهمها بتسهيل هروب رؤوس الأموال غير المشروع، مستخدمة إطلاق نظام وطني جديد للمدفوعات لإصدار تحذير شديد للقطاع المالي.
وقال مارتن إيليا لومورو، وزير شؤون مجلس الوزراء، أن نظام الدفع والتسوية الفوري، الذي أطلقه البنك المركزي يوم الجمعة، سيُستخدم لفرض الامتثال للقوانين المالية في البلاد. وزعم الوزير أن مبالغ ضخمة من الأموال تُهرَّب على نحو غير مشروع من الدولة الوليدة، أحياناً عبر الطائرات، بتواطؤ من بعض المقرضين.
وقال لومورو في خطاب ألقاه أمام مصرفيين ومسؤولين في العاصمة جوبا: “بدءاً من اليوم، ومع هذا النظام، نتوقع من البنوك أن تكون ممتثلة بالكامل، ويجب إنهاء إساءة استخدام سيادة جمهورية جنوب السودان، ويجب اتخاذ تدابير فورية”.
ووصف لومورو التكنولوجيا الجديدة بأنها أداة حاسمة لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والشفافية.
من جهته، قال بنك جنوب السودان المركزي إن المنصة الجديدة، وهي أول نظام دفع فوري في البلاد، تهدف إلى تحديث القطاع المالي، وتحسين سرعة وأمان التحويلات بين البنوك، وتمكين المعاملات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في جميع أنحاء البلاد.
وأوضح محافظ البنك المركزي، الدكتور أديس أبابا أوطو، أن النظام سيساعد على إدارة السيولة، ودعم السياسة النقدية الفعالة، وحماية قيمة الجنيه في جنوب السودان. وشدد على أن النظام “سيعزز الشمول المالي، خاصة للسكان الريفيين الذين تم إهمالهم”.
وركز الوزير لومورو في كلمته على سوء السلوك المزعوم في القطاع، مشيراً إلى أن لديه “اهتماماً شخصياً” بالنظام الجديد؛ لأنه يشعر بأن “البنوك الخاصة في البلاد لا يُتَحَكَّم فيها”.
اتهم الوزير البنوك التجارية بحرمان مواطني جنوب السودان من القروض العقارية وقروض الأعمال، بينما تقدم التمويل للأجانب. وقال: “يمكنني الإشارة إلى مبانٍ وفنادق يمتلكها أجانب، ويحصلون على قروض من خلال بعض البنوك التجارية في هذا البلد، ويجب أن ينتهي هذا، وفوراً”.
كما انتقد لومورو نفوذ قادة القطاع المالي، ملمحاً إلى أن بعض المديرين الإداريين يمارسون سلطة مفرطة. وحذّرهم بجلاء قائلاً: “أستطيع أن أطلق أي شيء من شأنه أن يأتي بكم إلى مجلس الوزراء والرد عليه”.
وأصدر الوزير أيضاً توجيهاً إلى الوكالات الأمنية الاقتصادية في البلاد، والتي قال إنها تغيبت عن حفل الإطلاق، آمراً إياها باستخدام النظام الجديد للتحكم في حركة الأموال. وقال لومورو: “إنهم يعلمون أن الأموال تُحمَل وتُخرَج من بلدنا، إنهم يعلمون ذلك”.
ودعا الوزير المنظمات الدولية والمجموعات غير الحكومية العاملة في جنوب السودان إلى الاحتفاظ بأموالها في البنوك المحلية عوضا عن البنوك في كينيا أو أوغندا المجاورتين.
تأتي هذه التحذيرات، بينما يعاني اقتصاد جنوب السودان من الاعتماد الشديد على عائدات النفط، وتفشي التضخم المفرط، والصراع، والفساد. في وقت تراجع فيه الثقة بالنظام، ويفضل العديد من الأفراد الأثرياء والشركات الاحتفاظ بأصولهم بالدولار الأمريكي، أو في بنوك البلدان المجاورة.