أقرت رئاسة جمهورية جنوب السودان سلسلة من التعديلات الجوهرية على اتفاق السلام المنشط لعام 2018، تضمنت في أبرز بنودها إلغاء المادة التي تربط إجراء الانتخابات العامة العام المقبل بإنجاز الدستور الدائم، وهي الخطوة التي فجرت موجة من الانتقادات الحادة من قِبل المعارضة الرئيسية ومنظمات المجتمع المدني.
وجاء هذا القرار خلال اجتماع استثنائي للرئاسة الموسعة برئاسة الرئيس سلفاكير ميارديت في جوبا يوم الأربعاء، بهدف مراجعة “الاتفاق المنشط لحل النزاع” الذي يواجه تعثرا في التنفيذ لسنوات طويلة.
ووفقاً للوثائق التي اطلع عليها راديو تمازج، فقد شملت التعديلات فك الارتباط بالدستور الدائم، بحيث تُجرى الانتخابات الوطنية وفقاً لـ “الدستور الانتقالي لعام 2011 المعدل” بدلاً من انتظار تبني دستور جديد، كما شملت التعديلات المادة (1.2.14) ليتأجل إجراء الإحصاء العام للسكان والسكن إلى ما بعد العملية الانتخابية.
وفي سياق تسريع الجدول الزمني، تقرر تقليص فترة تعديل قانون الانتخابات إلى شهرين فقط، مع خفض مهلة نشر سجل الناخبين النهائي من ستة أشهر إلى ثلاثة أشهر قبل موعد الاقتراع.
وأوضح وزير شؤون مجلس الوزراء، مارتن إيليا لومورو، إن هذه التعديلات ستسلك مساراً مؤسسياً للمصادقة النهائية، يبدأ من مجلس الوزراء مروراً باللجنة المشتركة للرصد والتقييم وصولاً إلى البرلمان القومي.
وفي المقابل، هاجم دوت مجوكديت، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية في المعارضة بقيادة رياك مشار، هذه الخطوة واصفاً إياها بغير القانونية، ومؤكداً في تصريح لراديو تمازج أنها تمثل محاولة لعزل النائب الأول للرئيس وإقصاء أطراف رئيسية من العملية السلمية، معتبراً أن أي قرارات تُتخذ في غياب مشار تعد باطلة من الناحية الإجرائية ونقضاً صريحاً لاتفاق السلام.
من جهته، أبدى إدموند ياكاني، المدير التنفيذي لمنظمة “سيبو” وممثل المجتمع المدني، صدمته من تغييب أصحاب المصلحة عن صياغة هذه التعديلات، نافياً مشاركة المنظمات المدنية في هذا القرار، رغم إشارة الوثائق الرسمية لذلك، ووصف إقحام صفتهم في الوثيقة بأنه أمر مضلل يفتقر للشرعية.
وتأتي هذه التطورات بعد مشاورات أجراها الرئيس كير مؤخراً لتشكيل ملامح المرحلة النهائية من الفترة الانتقالية، وبينما تتمسك الرئاسة بأن هذه التعديلات تلبي المطلب الشعبي بإجراء الانتخابات في ديسمبر 2026، يرى مراقبون أن الانقسام الراهن حول شرعية الإجراءات قد يقوض الثقة بالعملية السياسية التي تعاني أصلاً من تأجيلات متكررة منذ سبع سنوات.



