تحديات جمة تواجه الموسم الزراعي بولاية سنار

 يواجه القطاع الزراعي بولاية سنار تحديات غير مسبوقة تهدد الموسم الزراعي المقبل، وذلك في ظل غياب التحضيرات اللازمة وتدهور البنية التحتية ونقص التمويل. فبينما يستعد المزارعون على أمل تحقيق الاكتفاء الذاتي، تقف عقبات كبيرة تحول دون تحقيق هذا الهدف، وفقاً لشهادات المزارعين والمهندسين الزراعيين.

غياب التحضيرات وتدهور البنية التحتية

كشف المزارع عبد الإله النور في تصريح لراديو تمازج، من مشروع كساب الزراعي عن عدم قيام إدارة مشاريع النيل الأزرق المروية والولاية بأي تحضيرات للموسم الزراعي حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بعمليات الري وتطهير القنوات. 

وأشار النور إلى أن بيارة الري في مشروع كساب جاهزة تماماً، لكن المشكلة تكمن في الانهيار التام للبنية التحتية لقنوات الري، مما أدى إلى عزوف المستثمرين عن تمويل العمليات بسبب التكلفة العالية.

من جانبه، أكد المزارع عمر قوز في تصريح لراديو تمازج، من مشروع السوكي الزراعي، أن المشكلة الأساسية التي تهدد المشاريع الزراعية هي مشكلة مياه الري. 

وأوضح قوز أن مشروع السوكي، الذي تضاعفت مساحته من 74 ألف فدان إلى 120 ألف فدان، يعتمد حالياً على مضخة واحدة فقط، بينما الطرمبات الأخرى إما مستهلكة أو غير مطابقة للمواصفات.

وأضاف أن قنوات الري الرئيسية انهارت تماماً، وتحتاج إلى صيانة شاملة وبناء أبواب جديدة، وهو ما يتطلب جهداً حكومياً كبيراً لتلافي فشل الموسم.

أزمة التمويل وتأثير الحرب

تتفاقم أزمة القطاع الزراعي في سنار بسبب شح التمويل فالبنك الزراعي، الذي كان يمول محصول القطن، متوقفاً عن التمويل منذ فترة طويلة بسبب مديونيات سابقة.

 كما أن مبادرة “مزارعي 2022” التي حصلت على تمويل ضخم من الأسمدة والجازولين، لم تسدد ديونها، مما يعقد على مزارعي السوكي الحصول على أي تمويل جديد.

وبحسب المهندس محمد عثمان، المهندس السابق بمشروع السوكي الزراعي، فإن نقص التمويل وارتفاع تكاليف المدخلات يهددان تحقيق الاكتفاء الذاتي. 

وأشار إلى أن عدم توفر الجرارات وارتفاع أسعار الجازولين يدفعان المزارعين إلى تقليص المساحات المزروعة والتركيز على المحاصيل الأقل تكلفة كالذرة.

من جانبه، سلط المهندس الطيب عبد الله، مدير إحدى الشركات الزراعية، في حديثه لراديو تمازج الضوء على تأثير الحرب الدائرة على مناطق الزراعة المطرية، حيث شهدت محليات مثل الدالي، المزموم، الدندر، والسوكي عمليات نهب واسعة للمحاصيل والآليات الزراعية من قبل قوات الدعم السريع، مما أدى إلى عجز مالي حاد لدى المزارعين.

وأضاف أن توقف رواتب الموظفين من المزارعين، وارتفاع أسعار السلع، يزيدان صعوبة تمويل الزراعة حتى على نطاق صغير.

جهود حكومية وتحديات مستمرة

أعلنت ولاية سنار عن بدء استعدادات مكثفة ومبكرة للموسم الزراعي 2025، مؤكدة على أهمية الزراعة كبوابة للخروج من الأزمات الاقتصادية. 

ودعا والي سنار المستثمرين إلى العودة والمساهمة في تنمية القطاع الزراعي، وشدد على أهمية توفير البذور الجيدة. كما التقى وزير الزراعة الاتحادي بوفد من ولاية سنار لمناقشة دعم القطاع الزراعي.

ورغم هذه الجهود، لا تزال التحديات قائمة. فالحرب السودانية المستمرة أدت إلى تعطيل العمليات الزراعية ونهب مدخلات الإنتاج.

 ويواجه مشروع السوكي الزراعي مشاكل محددة تشمل قلة المساحات المستغلة لزراعة القطن، وعدم استغلال دورة الفول السوداني بسبب نقص التمويل، وسوء انسياب مياه الري.

آمال وطموحات، رغم الصعاب

على الرغم من هذه العقبات، أبدى المهندس محمد عثمان تفاؤلاً بشأن المحاصيل المتوقعة، مشيراً إلى أن الولاية تستهدف إنتاج الذرة، السمسم، القطن، زهرة الشمس، والدخن. وأكد إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي إذا تم تجاوز العقبات الحالية.

كما توقع المهندس الطيب عبد الله زراعة القطن على مساحة 400 ألف فدان، والذرة والسمسم بمساحات أكبر، مع تفاؤل من المواطنين الذين يبيعون ممتلكاتهم لتمويل زراعاتهم. وأشار إلى أن قطاع سنار يضم 4 ملايين فدان صالحة للزراعة، ويمكن استغلال 60% منها على الأقل.