أكد السفير البريطاني الجديد لدى جنوب السودان، ديفيد آشلي، يوم الأربعاء، التزام بلاده المتواصل بتقديم المساعدات الإنسانية لجنوب السودان، وذلك على الرغم من الضغوط التي تواجه ميزانية المساعدات الدولية للمملكة المتحدة.
وخلال مؤتمر صحفي عقده في جوبا عقب تقديمه أوراق اعتماده للرئيس سلفا كير، شدد آشلي على “الالتزام الدائم” لبلاده تجاه جنوب السودان. وأوضح أن السفارة البريطانية ستظل قائمة في جوبا، وستواصل دعم جهود “السلام والتنمية والعمل الإنساني”.
وأشار آشلي، الذي تولى منصبه في يناير 2025، إلى أن المملكة المتحدة ستقدم مساعدات إنسانية خلال الاثني عشر شهرا القادمة، على الرغم من القيود المالية الحالية. وأضاف قائلا: “سيوفر هذا التمويل دعما غذائيا وطبيا حيويا للفئات الأكثر ضعفا، ومع ذلك، يجب التأكيد على أن المساعدة الدولية تهدف إلى تكملة جهود حكومة جنوب السودان، وليست بديلا عنها، ومن الضروري أن يُخَصَّص المزيد من موارد جنوب السودان لتوفير الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الإنسانية لشعبها”.
واستعرض السفير البريطاني مساهمات بلاده منذ استقلال جنوب السودان، حيث قدمت المملكة المتحدة ما مجموعه 2.2 مليار دولار من المساعدات، مع التركيز على نحو أساسي على قطاعات الصحة والتعليم وبناء السلام والإغاثة الإنسانية، وأبرز بعض الإنجازات الهامة التي تحققت بفضل هذا الدعم، مثل تمكين أكثر من مليون طفل من الالتحاق بالمدارس وتطعيم أكثر من 1.5 مليون شخص ضد الأمراض الفتاكة.
وتابع: “أولويتنا واضحة، هي دعم السلام والتنمية لتمكين شعب جنوب السودان من التمتع الكامل بثمار استقلاله الذي تحقق بتضحيات كبيرة”.
وفي سياق متصل، أقر السفير بالتحديات الكبيرة التي لا تزال تواجه جنوب السودان، والتي تفاقمت بسبب الصراع الدائر في السودان وتأثيرات تغير المناخ، مشيرا إلى أن استمرار العنف يزيد حدة الأزمة الإنسانية.
وعبر عن أسف المملكة المتحدة “الشديد” للانتهاكات المتكررة والخطيرة لوقف إطلاق النار منذ شهر فبراير، بما في ذلك القصف الأخير الذي استهدف مستشفى منظمة أطباء بلا حدود في فانقاك في الثالث من مايو.
وشدد على أهمية السلام كأساس للتنمية، وقال: “يجب أن يكون السلام هو الركيزة الأساسية للتنمية، لا يمكن للعالم والمنطقة، وبالتأكيد شعب جنوب السودان، تحمل نشوب حرب أخرى هنا، وتدعم المملكة المتحدة بقوة جهود المجتمع الدولي، بقيادة الإيقاد والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، ونحث الأطراف جميعهم على العودة إلى الحوار وتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، بمن فيهم النائب الأول للرئيس”.
كما أعرب السفير البريطاني عن قلقه بشأن التأخيرات التي تشوب عملية الانتقال السياسي في جنوب السودان، مؤكدا على ضرورة إجراء انتخابات ذات مصداقية.
وأضاف: “لقد استمرت الفترة الانتقالية لفترة أطول بكثير مما كان يرغب فيه أي شخص، وخاصة شعب جنوب السودان. إن مجرد تمديد هذه الفترة مجددا لن يخدم مصالح جنوب السودان، ونأمل بصدق أنه بحسن النية، سيكون من الممكن إجراء انتخابات حرة ونزيهة بحلول نهاية العام المقبل، ومع ذلك، فإن الأحداث التي شهدتها الأشهر الأخيرة تجعل تحقيق ذلك أمرا بالغ الصعوبة”.
وحدد الشروط الرئيسية التي تضمن إجراء انتخابات ذات مصداقية، وتشمل أمن الناخبين والمرشحين، وتوفير الموارد الكافية، وضمان المساواة في الوصول إلى وسائل الإعلام.
وفي ختام تصريحاته، أكد السفير البريطاني، على استمرار الوجود الدبلوماسي للمملكة المتحدة في جوبا، على الرغم من إغلاق العديد من الدول الغربية لسفاراتها.
وقال “ستبقى المملكة المتحدة في جوبا، ونحن نحترم قرارات الدول الأخرى بإغلاق سفاراتها لأسباب مختلفة، سواء كانت مؤقتة أو بسبب ضغوط مالية، لكن المملكة المتحدة ستبقى، وسنواصل دعم شعب جنوب السودان، وأولوياتنا هي السلام والتنمية”.