اعتقال لاجئ سوداني داخل سفارة بلاده في طرابلس

أثار اعتقال اللاجئ السوداني محمد آدم، المعروف بلقب “توباك”، داخل مبنى السفارة السودانية في العاصمة الليبية طرابلس، موجة من الإدانات الحقوقية، وسط مطالبات بتدخل عاجل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وكان المرصد السوداني لحقوق الإنسان أول من أعلن عن الحادثة في بيان رسمي يوم الاثنين، قال فيه إن “قوة أمنية قامت بتوقيف الشاب محمد آدم من داخل السفارة السودانية، في خطوة تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، وتعرض حياة اللاجئين السودانيين في الخارج للخطر”. 

وأضاف المرصد أن السفارة السودانية “تحولت من جهة تمثيل دبلوماسي إلى أداة لملاحقة المعارضين السياسيين، ما يتعارض مع كل القواعد والأعراف الدولية”. 

وطالب البيان المفوضية السامية للأمم المتحدة والسلطات الليبية بـ”فتح تحقيق شفاف ومستقل” في ملابسات الاعتقال وضمان عدم تسليمه إلى أي جهة يمكن أن تعرّض حياته للخطر.

وأكد نشطاء حقوقيون ومحامون أن توقيف “توباك” في مقر دبلوماسي يُعد خرقاً واضحاً لاتفاقية جنيف لعام 1951 بشأن اللاجئين، وكذلك لاتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969، التي تمنح طالبي اللجوء حماية قانونية ضد الإعادة القسرية.

ويُعد محمد آدم أحد أبرز الوجوه الشبابية التي برزت خلال احتجاجات السودان، وسبق أن اتُهم بقتل ضابط شرطة يُدعى بريمة في الخرطوم مطلع 2022.

 واحتُجز لفترة طويلة دون محاكمة قبل أن يُفرج عنه ضمن آلاف السجناء عقب اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023. وبعد خروجه، توجه إلى مدينة ود مدني حيث بقي في انتظار محاكمته، لكن تصاعد القتال دفعه إلى الفرار شمالاً نحو ليبيا، وفقاً لمقربين منه.

وذكرت مصادر حقوقية أن “توباك” تقدم بطلب لجوء لدى السلطات الليبية، ما يمنحه حق الحماية الدولية بموجب مبدأ “عدم الإعادة القسرية”، الذي يحظر إعادة اللاجئين إلى أماكن قد يتعرضون فيها للخطر.

وقال المحامي السوداني المعز حضرة لراديو “تمازج” إن عملية الاعتقال تمثل “انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي”، وأضاف “ما حدث يعيد إلى الأذهان ممارسات الأجهزة الأمنية في عهد النظام السابق، حيث كانت عمليات الاختطاف تتم خارج القانون”.

واتهم حضرة البعثات الدبلوماسية السودانية بالخضوع لنفوذ فلول النظام البائد، مشيراً إلى أنها “تغض الطرف عن معاناة اللاجئين، بينما تقدم خدمات غير مشروعة لمتهمين سابقين بالانقلاب أو الفساد فرّوا إلى الخارج”.

ولم يصدر تعليق رسمي من السلطات السودانية، أو من السفارة في طرابلس حول الواقعة، في حين رفضت السفارة الرد على أسئلة الصحفيين، واكتفى أحد موظفيها بالقول إن السفارة “جهة دبلوماسية لا تملك سلطة توقيف أو احتجاز، وليست مخولة بالتصريح حول ما جرى”.

ويأتي هذا التطور في وقت تتصاعد فيه المخاوف الدولية بشأن أوضاع حقوق الإنسان في السودان، حيث تستمر المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتتفاقم الأزمات الإنسانية في مناطق النزاع، ما يدفع بمزيد من اللاجئين إلى الفرار نحو دول الجوار.