منظمات المجتمع المدني: محاكمة مشار “لا يمكن أن تحل محل” المحكمة المختلطة لجرائم الحرب

شدد ائتلاف من منظمات المجتمع المدني في جنوب السودان، على أن الإجراءات الجارية لمحاكمة رياك مشار وفاقه، تُبرز الحاجة المُلحة والضرورية لإنشاء محكمة مختلطة مستقلة للتحقيق في فظائع الحرب وتحقيق العدالة الشاملة.

وأعلن منتدى المجتمع المدني في جنوب السودان، الذي يمثل أكثر من 200 منظمة، أنه يراقب عن كثب المحاكمة الجارية في قاعة الحرية بجوبا. وتتعلق القضية باشتباك دموي وقع في مدينة ناصر في مارس بين القوات الحكومية و”الجيش الأبيض”، والذي أسفر عن مقتل ونزوح عشرات المدنيين.

وفي بيان اطلع عليه راديو تمازج، أشاد المنتدى بالقضاء لفتحه المجال أمام الجمهور ووسائل الإعلام لحضور الجلسات، لكنه أشار إلى أن القضية تُظهر محدودية نظام العدالة الوطني الحالي.

وقال المنتدى: “هذه المحاكمة، على الرغم من أهميتها، لا ينبغي اعتبارها بديلاً عن عمليات المساءلة الأوسع نطاقًا التي تتطلبها اتفاقية السلام”.

ودعا التحالف كلاً من حكومة جنوب السودان ومفوضية الاتحاد الأفريقي إلى “الإسراع في إنشاء المحكمة المختلطة لجنوب السودان وتفعيلها”. وتُعد هذه المحكمة بندًا أساسيًا في اتفاقية السلام لعام 2018، وتهدف إلى مقاضاة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة خلال الحرب الأهلية، وهو ما وصفه المنتدى بأنه “التزام قانوني وواجب أخلاقي”.

كما طالب التحالف بضمان الالتزام الصارم بالإجراءات القانونية الواجبة وحماية جميع الأفراد المرتبطين بالقضية، بما في ذلك الفرق القانونية والشهود والصحفيون، مؤكدًا أن العدالة هي جوهر السلام المستدام.

في الجلسة الخاصة بالمحكمة يوم الاثنين، أكد رئيس المحكمة، القاضي جيمس ألالا دينق، اختصاصها للنظر في القضية، رافضًا اعتراضات فريق الدفاع. وأوضح القاضي أن المحكمة أُنشئت بشكل قانوني بقرار من رئيس القضاة، وأن اختصاصها لا يتداخل مع اختصاص المحكمة المختلطة المقترحة.

وقال: “المحكمة المختلطة مُصممة للنظر في جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، بينما تجري هذه المحكمة الخاصة أعمالها بموجب القانون الوطني”.

وكان الدفاع قد جادل بأن المحكمة تفتقر إلى السلطة وأن حصانة مشار لم تُرفع. وخلال الجلسة، أمر القاضي ألالا أيضًا محاميَي دفاع بمغادرة الفريق لعدم تجديد رخصتيهما لممارسة المهنة، رافضًا ادعاءهما بأن نقابة المحامين هي من عرقلت التجديد.

في مرافعاتها الافتتاحية، زعمت النيابة العامة أن حادثة ناصر كانت عملية عسكرية “مُخطط لها ومُمولة ومنسقة ومُدارة” من قِبل قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة، بمن فيهم المتهمان قبريال دوب لام والممول فوت كانق. وصفت النيابة الحادثة، التي تقول إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص، بأنها عملية “مُنسقة ومُعتمدة من القيادة”.

من جانبه، حذّر قيري ريموندو، كبير محامي مشار، المحكمة من استخدام الادعاء كأداة سياسية، وحثّ على أن تستند القضية إلى العدالة والأدلة الموثوقة. وجادل ريموندو بأن واجب المدعي العام ليس السعي لضمان الإدانة، بل ضمان عرض جميع الأدلة بإنصاف، مستشهدًا بالدستور الانتقالي للبلاد.

وقال رايموندو أمام هيئة المحكمة: “المدعي العام يمثل الدولة، وليس الضحية أو مصلحة خاصة، واجبه هو ضمان عرض جميع الأدلة بإنصاف ودقة أمام هذه المحكمة.” وأكد أن المدعين العامين هم “وزراء عدل” يخدمون الجمهور، ولا يحق لهم التصرف بدافع الانتقام أو لتلبية “الرغبات السياسية” أو “لتهدئة الضغط الإعلامي”.

وقد أُجِّلت المحاكمة حتى يوم الأربعاء لإتاحة الفرصة للادعاء لإعداد شهوده.