غير مصنف

مظاهرات في وادي حلفا تُجبر السلطات على التراجع عن برمجة قطوعات الكهرباء

 خرج مئات من سكان مدينة وادي حلفا شمالي السودان، في احتجاجات حاشدة هذا الأسبوع، رفضاً لقرار حكومة الولاية الشمالية إدراج المدينة في برمجة قطوعات الكهرباء اليومية، ما دفع السلطات إلى التراجع عن القرار بعد تصاعد الغضب الشعبي وتهديدات بإغلاق المعابر الحدودية الحيوية مع مصر.

وقال مشاركون في الاحتجاجات وشهود عيان لراديو تمازج، إن المدينة شهدت انقطاعاً مفاجئاً للتيار الكهربائي لساعات طويلة خلال الأيام الماضية، رغم أن وادي حلفا ظلت تستفيد من الكهرباء القادمة من مصر عبر اتفاقية قديمة مرتبطة بمشروع السد العالي.

وأوضحت القيادية في المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا مزاهر حسن، أن قرار الوالي المكلف بإدخال المدينة في برنامج القطوعات جاء عقب زيارة تفقدية وعد خلالها بحل مشاكل نقص المياه والبنية التحتية، لكنه فاجأ الأهالي بما وصفوه بـ “الاستهداف المباشر لأهم خدمة مستقرة”.

وأضافت حسن أن المدينة لا تستهلك سوى نحو 5% من الكهرباء المصرية، بينما يتم تحويل الفائض منها إلى مناطق زراعية أخرى مثل دنقلا، ما زاد شعور السكان بالغبن، مشيرة إلى أن السلطات لم تكتفِ بتجاهل المذكرة الاحتجاجية، بل بدأت القطوعات قبل موعدها وبمدة أطول من المعلن.

ورفع المحتجون مطالب إضافية، شملت تخصيص نسبة من الإيرادات المحلية – بما في ذلك عائدات الذهب ومعبرَي حلفا وأرقين – لتنمية المدينة، كما دعوا إلى إعادة تبعية وادي حلفا إلى ولاية نهر النيل، متهمين الولاية الشمالية بتهميش المدينة لعقود.

وهدد المتظاهرون بتصعيد الاحتجاجات وإغلاق المعابر الحدودية بشكل دائم، ما أدى إلى توقف مؤقت لحركة الشاحنات والبضائع عبر المعبر، قبل أن تعلن السلطات تراجعها عن القرار، وتعيد التيار الكهربائي إلى المدينة مساء الثلاثاء.

وقال أحد أصحاب مصانع الثلج لراديو تمازج الجمعة، إن انقطاع الكهرباء أضرّ مباشرة بقطاع الأسماك، قائلاً “ما عندنا طريقة نحفظ السمك بدون تلج… الوالي مفروض يحل مشكلة دنقلا بعيداً عننا، مش ياخد كهربتنا نحن”.

ويستند سكان وادي حلفا إلى اتفاق تاريخي مع الحكومة السودانية والمصرية، يمنح المدينة كهرباء مستقرة كتعويض عن تهجيرهم وغرق المدينة القديمة عند بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي. 

ورفض الأهالي آنذاك التعويضات النقدية، وفضلوا البقاء في منطقتهم الأصلية.

وفي بيان رسمي، وصف المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا القرار بأنه “خداع معهود” و”استهداف سلبي متكرر”، متوعداً بـ “الانفكاك الكامل عن تبعية الولاية أرضاً وإنساناً”، والتوجه نحو تعزيز العلاقات المباشرة مع مصر.

ولم تصدر حكومة الولاية تعليقاً رسمياً على التظاهرات، وامتنع الوالي المكلف عن الإدلاء بأي تصريح عند الاتصال به.

وتعكس هذه الاحتجاجات تصاعد التوترات بين المناطق الطرفية في السودان وسلطات المركز، في وقت يواجه فيه السودان حرباً أهلية دامية منذ أكثر من عام، أضعفت مؤسسات الدولة، وفاقمت الأزمات الاقتصادية والخدمية في مختلف أنحاء البلاد.