فضيحة فساد في مشروع ضخم: إلغاء عقد مطار أكون الدولي (300 مليون دولار) بعد تحقيق يكشف “جودة متدنية

أُلغِيَ مشروع بناء مطار دولي في ولاية واراب بجنوب السودان، تُقدَّر تكلفته بملايين الدولارات، بعد أن كشف تحقيق أن جودة العمل كانت “دون المستوى المطلوب”، وفقاً لوثائق ومصادر اطلعت عليه راديو تمازج.

وأكدت المصادر أن عقد مشروع مطار أكون الدولي قد مُنِحَ دون مناقصة تنافسية في عام 2022 لشركة واحدة هي “وونكوج للإنشاءات”، وتبيّن لاحقاً من خلال تحقيق رسمي أن معيار جودة مرحلة البناء الأولية بلغ 8% فقط.

كان المشروع، الذي قُدِّرت قيمته بـ 300 مليون دولار، يهدف أيضاً إلى تمويل مرافق عامة ومحطة كهرباء للقرى المجاورة.

وقال مصدر مطَّلع على الأمر: “بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع الذي يستغرق خمس سنوات 300 مليون دولار، ولكن المطار يمكن أن يصبح جاهزاً للتشغيل بتمويل يناهز 100 مليون دولار، أما الأموال المتبقية فكانت مخصَّصة للمرافق ومحطة طاقة للقرى المحيطة بالمطار”.

وفقاً للمصادر والوثائق التي اطلع عليه تمازح، تم توقيع العقد من قبل وزارة العدل ووزارة النقل مع شركة “وونكوج للإنشاءات”. يمتلك الشركة باك ميان، وهو رجل أعمال من مقاطعة تويج في واراب. ويقع المطار في أكون، مسقط رأس الرئيس سلفا كير.

وقال مصدر إن فكرة المطار بدأت من مكتب نائب الرئيس آنذاك للتجمُّع الخدمي، حسين عبد الباقي أكول، وحظيت بمباركة الرئيس، ويشغل السيد أكول حالياً منصب وزير الزراعة والأمن الغذائي.

كان الهدف المعلن للمشروع هو ربط مناطق أويل، وتويج، وقوقريال، وتسهيل تصدير الصمغ العربي والمنتجات المحلية الأخرى.

بدأ البناء في أغسطس 2023 خلال فترة تولي أكول منصب نائب الرئيس، وقال مصدر مطَّلع أن ضغوطاً مُورِست على أكول لمنح العقد للسيد باك ميان.

وللبدء في العمل، خُصِّصَت شحنة من النفط الخام للشركة، بقيمة 42 مليون دولار، وفقاً للمصادر. وبهذا التمويل، بدأت “وونكوج” الأعمال الأولية، بما في ذلك الحفر، والردم، وبناء مختبر لاختبار الرمال، وتسييج الموقع، ونقل تربة “المُرّام” من مقاطعة أويل الجنوبية. وتعاقدت الشركة من الباطن على الأعمال المدنية مع شركتين إثيوبية وسريلانكية.

بحلول يونيو 2025، كان المشروع قد تعثَّر بشكل واضح، وفي ذلك الوقت، صرَّح فيكتور ويك كورديت، محافظ مقاطعة قوقريال الغربية، لراديو تمازج بأن البناء توقف، وأنه لم يتم إطلاعهم من قبل المقاول، مشيراً إلى أن نقص الأموال قد يكون السبب، لكنه أكد بقاء معدات الشركة في الموقع.

وبعد أن تلقت الحكومة شكاوى حول تقدُّم المشروع، بدأ تحقيق في كيفية استخدام الأموال، وشكَّلت شركة “كليمنجارو للاستشارات”، المشرفة على المشروع، ووزارة النقل، هيئة تحقيق، وبعد رحلة ميدانية استمرت أسبوعاً، خلص التحقيق إلى أن العمل الذي قامت به شركة “وونكوج” كان دون المستوى المطلوب، حيث حقق تصنيف جودة بنسبة 8% فقط.

ونتيجة لذلك، اتجهت الحكومة نحو إلغاء عقد شركة “وونكوج”. وقال مصدر إنه أُرْسِل إشعاراً إلى الشركة يخبرها بأن العقد، الذي يتطلب التجديد كل عامين، لن يُجَدَّد الشهر المقبل.

وأشار المصدر إلى أن الشركة “غير راضية” عن القرار، وأضافوا أن الحكومة واجهت صعوبة في الإشراف على المشروع؛ لأن الشركة “لم تكن مستعدة للتعاون في عملية الرصد”.

وأقرَّ مصدر حكومي بوجود تحديات في التدفقات النقدية، لكنه ذكر أن العمل تم تعليقه في المقام الأول بسبب “الجودة المتدنية التي قدمتها الشركة المتعاقد معها”.

وقال مصدر إن الحكومة تخطط الآن لإعادة فتح المشروع أمام المناقصات التنافسية، مع التركيز المجدَّد على التدقيق في الشركات قبل ترسية العقد. وشدَّد المصدر على أهمية المشروع في ربط مناطق قوقريال، وتويج، وأويل.

ولم تنجح محاولات الوصول إلى شركة “وونكوج” للتعليق.