جنوب السودان: نقص التمويل وتدهور الأمن يهددان مسودة الدستور الدائم

أكد رئيس المفوضية الوطنية لمراجعة الدستور في جنوب السودان، الدكتور ريانق ير زوور، أن العملية الحيوية لصياغة الدستور الدائم تواجه تأخيرات كبيرة وتهديدات خطيرة؛ بسبب النقص الحاد في التمويل الحكومي وتفاقم حالة انعدام الأمن في البلاد.1 وقد أثار هذا التصريح شكوكاً حول قدرة المفوضية على إنجاز إحدى الركائز الأساسية لعملية السلام الهشة في البلاد.

وفي مقابلة حصرية مع راديو تمازج، كشف الدكتور ريانق أن الحكومة لم تقدم أي جزء من الميزانية التي طلبتها المفوضية للسنة المالية الحالية، مما أجبرها على الاعتماد بشكل تام على الشركاء الدوليين لإجراء الاستشارات العامة الضرورية.

وتعمل المفوضية الوطنية لمراجعة الدستور ضمن جدول زمني يمتد لـ 18 شهراً بهدف إصدار الدستور قبل ديسمبر 2026، وهو وثيقة تعتبر حاسمة لتسهيل الانتخابات الوطنية التي طال انتظارها. وعلى الرغم من أن الدكتور ريانق أكد أن الموعد النهائي لا يزال “قابلاً للتحقيق”، إلا أنه شدد على أن نقص التمويل وانتشار العنف يشكلان تهديدين كبيرين.

وقال الدكتور ريانق: “عملنا يتقدم ببطء، ولكن بالاعتماد على دعم الشركاء بشكل رئيسي”.

وكانت المفوضية قد خططت لإطلاق حملة توعية مدنية واستشارات عامة على مستوى البلاد في مارس الماضي، لكن هذه الخطط تعطلت بسبب عدم توفر الموارد.

وشدد رئيس المفوضية على أن المشكلة الأساسية هي غياب التزام الحكومة بتوفير الموارد المالية، وأوضح أن الميزانية التي قدمتها المفوضية لم يُتَصَرَّف بها أو تمريرها في البرلمان في السنة المالية الماضية، ومع دخول السنة المالية الجديدة، “لم نتلق أي شيء حتى الآن”.

وأكد الدكتور ريانق أن عملهم “متوقف تقريباً” دون دعم الشركاء، مشيراً إلى أن المفوضية تعمل حالياً بالتعاون مع عدد من الشركاء، أبرزهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لإطلاق أنشطتها الأولية في أربع ولايات: شرق الاستوائية، البحيرات، غرب بحر الغزال، وشمال بحر الغزال. ويأتي ذلك بعد الانتهاء من الأنشطة الإجرائية والإدارية.

وأعرب عن قلقه البالغ من تدهور الوضع الأمني في أجزاء مختلفة من البلاد، مؤكداً أن ذلك سيؤثر حتماً على سير عمل المفوضية على الأرض.

وقال: “نحن قلقون، من المؤكد أن ذلك قد يؤثر في أنشطتنا إذا لم يتم فعل شيء على المستوى السياسي من قبل أطراف الاتفاق”. وأوضح أنه عند التوجه للاستشارات في الولايات والمقاطعات، فإن انعدام الأمن في بعض المناطق سيمنع إرسال الأعضاء إليها، لأن “سلامة أعضائنا مهمة جداً”

في ختام مقابلته، وجه الدكتور ريانق رسالة واضحة إلى حكومة جنوب السودان، مطالباً إياها بـ “الالتزام بعملية صنع الدستور”، مشدداً على أن الالتزام يجب أن يكون بـ “الأفعال لا الأقوال”.

وقال: “يجب حل قضايا الأمن حتى يتمكن أعضاء المفوضية من الذهاب إلى الأماكن التي يشعرون فيها بالأمان”.