تقرير حقوقي جديد يتهم النخبة السياسية في جنوب السودان بنهب مليارات الدولارات

دعت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان، اليوم الثلاثاء، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الفساد المستشري وسرقة الموارد العامة من قِبل النخبة السياسية في البلاد. وأشارت اللجنة إلى أن هذا الفساد أدى إلى أزمة حقوق إنسان مدمرة في أحدث دولة في العالم.

التقرير الذي حمل عنوان “نهب أمة: كيف أطلق الفساد المتفشي العنان لأزمة حقوق الإنسان في جنوب السودان” هو نتاج تحقيق وتحليل مستقل استمر عامين، وتم إصداره في نيروبي، كينيا.

وقالت اللجنة إن إيرادات جنوب السودان النفطية وغير النفطية قد تم نهبها من خلال الإنفاق خارج الميزانية والعقود المرتبطة بالسياسيين، مما حرم ملايين المواطنين من الخدمات الأساسية.

وفقًا للتقرير الذي اطلع عليه راديو تمازج، تجاوزت إيرادات الحكومة من النفط منذ الاستقلال في عام 2011 مبلغ 25.2 مليار دولار، وهو مبلغ كبير بالنسبة لواحدة من أفقر دول العالم. لكن الفساد المنهجي أدى إلى عدم وصول إلا القليل من هذه الأموال إلى الخدمات الأساسية.

وصرحت ياسمين سوكا، رئيسة اللجنة، قائلة: “يُحكي تقريرنا قصة نهب أمة؛ فالفساد ليس مجرد حادثة عارضة، بل هو المحرك وراء تدهور جنوب السودان. إنه يغذي الجوع، ويؤدي إلى انهيار الأنظمة الصحية ووقوع وفيات يمكن الوقاية منها، بالإضافة إلى تأجيج الصراعات المسلحة المميتة على الموارد. إن معاناة المدنيين في جنوب السودان هي نتيجة مباشرة للنهب الوقح للإيرادات العامة منذ الاستقلال في عام 2011”.

وأضاف المفوض كارلوس كاستروسينا فرنانديز: “لا تُعد عمليات التحويل هذه مجرد إخفاقات مجردة في الميزانية، بل إنها تُترجم إلى وفيات يمكن الوقاية منها، وسوء تغذية واسع النطاق، وإقصاء جماعي من التعليم”.

وقال المفوض بارني أفاكو إن قادة البلاد حولوا بشكل منهجي الإيرادات النفطية وغير النفطية من خلال مخططات فساد غير خاضعة للمساءلة منتشرة في جميع هياكل الحكومة.

وبينما كان اتفاق “إحياء اتفاق حل النزاع في جمهورية جنوب السودان” لعام 2018 يهدف إلى تحسين الإدارة المالية العامة، قالت اللجنة إن هذه الإصلاحات قد تم تنفيذها بشكل سيء وبتمويل غير كافٍ.

ويحذر التقرير من أن اتفاق السلام قد وصل الآن إلى نقطة الانهيار، بعد الإعلان عن توجيه اتهامات في 11 سبتمبر للنائب الأول للرئيس رياك مشار، الذي اعتقل منذ مارس 2025. ومنذ ذلك الحين، انقسم حزب مشار المعارض، وسُجن العديد من كبار قادته أو أُجبروا على النفي.

في غضون ذلك، ووفقًا للتقرير، تم تعيين ابنة الرئيس سلفا كير وزوجة نائب الرئيس بول ميل مؤخرًا في مناصب حكومية عليا.

أصدرت اللجنة 54 توصية للحكومة في جوبا، وحثت على اتخاذ تدابير لإنهاء الفساد، وتعزيز المساءلة، وإعطاء الأولوية للاحتياجات الأساسية للمواطنين في الميزانية والإنفاق الوطنيين.

في المقابل، رفض وزير الإعلام مايكل ماكوي لويث تقرير الأمم المتحدة، قائلًا إن الحكومة لم تستلمه رسميًا بعد. وأضاف: “هؤلاء أشخاص يكتبون دائمًا، وعندما يكتبون لا يتشاورون مع الحكومة، إنهم يكتبون فقط ما يخطر ببالهم في غرفهم بالفنادق. حتى الآن لم نتسلم التقرير رسميًا”.

وتابع: “سوف نتحقق من محتواه، على الرغم من أنني لا أملك أي معرفة به، إلا أننا سنتحقق وسنرى ما يفعلونه”.