فرّت صالحة مع أطفالها الخمسة من منزلها بعد أن تعرض للهجوم، وذهبت للبحث عن مأوى لدى أقاربها في قرية أمبرو القريبة. صالحة هي واحدة من أكثر من 500,000 شخص اضطروا إلى النزوح عندما اشتد العنف في شمال دارفور، متمسكين بالأمل في أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم بمجرد تحقيق السلام. بالنسبة للعائلات التي تواجه تحديات هائلة للبقاء على قيد الحياة وإعالة نفسها في خضم الحرب، فإن الحصول على الرعاية الصحية أمر بالغ الصعوبة. ولهذا السبب، أصبحت عيادات منظمة قول – GOAL العشرة شريان حياة حاسمًا لآلاف الأشخاص في شمال دارفور اليوم.
في عام 2020، خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ 4.9 مليون يورو لمنظمة “قول” لتنفيذ مشروع في مناطق كتم، وأمبرو، وسرف عمرة بشمال دارفور، يهدف إلى تيسير الوصول إلى العلاج للمجتمعات المحلية. بالتعاون مع وزارة الصحة بالولاية، شرعت GOAL في رفع معايير المرافق الصحية العشرة في هذه المناطق، مما مكّن كلًا من السكان المحليين والنازحين داخليًا بسبب الحرب من الحصول على خدمات الرعاية الصحية الأساسية والأدوية بأسعار مدعومة بشكل كبير.
في السابق، كان موظفو العيادات يواجهون ضعفًا في البنية التحتية، ونقصًا في الإمدادات الطبية، وتأخرًا في صرف المدفوعات، مما ساهم بشكل كبير في ارتفاع معدل عدم استقرار الكوادر. على مدى السنوات الأربع الماضية، عملت GOAL على تحويل مرافق الرعاية الصحية الأولية هذه من خلال: تدريب الكوادر الصحية، وإعادة تأهيل المباني، وتقديم الحوافز في حالة عدم توفر الرواتب، وضمان وجود فرق طبية مؤهلة وصيدلية عاملة بشكل دائم، كما أنشأت المنظمة مكتبًا جديدًا في أمبرو، مخصصًا لفريق الإدارة الصحية للإشراف على عمل هذه المرافق. وعندما اندلعت الحرب، تركزت الجهود على دعم العيادات القائمة لزيادة قدرتها على تلبية احتياجات النازحين القادمين من مناطق النزاع. وعلى الرغم من استمرار الصراع، واصل موظفو GOAL عملهم الحيوي. وبحلول يناير 2025، تمكن 150,000 شخص من الحصول على خدمات الرعاية الصحية في هذه العيادات بنجاح.
أكدت سعادة سفيرة أيرلندا لدى السودان، كاترينا إنغولدسبي، على جهود منظمة GOAL في السودان خلال فترة النزاع، قائلةً: “تفخر حكومة أيرلندا بشراكتنا الطويلة مع منظمة GOAL، وسجلها الحافل على مدى 30 عامًا في تقديم الخدمات الأساسية للمجتمعات في السودان. بتمويل من الاتحاد الأوروبي، تُقدم منظمة GOAL الآن الرعاية الصحية الأولية لسكان شمال دارفور، مُلبِّيةً احتياجاتهم العاجلة في ظل النزاع الحالي، ومُعززةً أنظمتهم الصحية للمستقبل. يلتزم الاتحاد الأوروبي وأيرلندا بدعم المجتمعات السودانية اليوم، والعمل معًا يدًا بيد من أجل مستقبل أكثر إشراقًا.”
كما عمل موظفو GOAL على تلبية احتياجات المرافق الصحية المستهدفة بهدف تحقيق متطلبات البنية التحتية والكوادر والخدمات اللازمة لإدراجها في برنامج التأمين الصحي الوطني. وهذا يسمح لها بالحصول على الأدوية من الصندوق الوطني للإمدادات الطبية. وقد تبع ذلك حملة لزيادة وعي المجتمعات المحلية بفوائد التأمين الصحي الوطني وكيف يمكن أن يساعدهم في تمويل احتياجاتهم الصحية وتسهيل حصولهم على الأدوية بأسعار مدعومة بشكل كبير.
من جانبه، أشاد سفير الاتحاد الأوروبي لدى السودان، أيدان أوهارا، بالدور الفعال للعيادات في شمال دارفور قائلًا: “تؤكد عيادات GOAL في شمال دارفور على حصول السكان هناك على الخدمات الصحية خلال الحرب. إنهم يطورون البنية التحتية، ويدربون العاملين في المجال الصحي، ويشجعون المجتمعات المحلية على اتخاذ خيارات صحية كلما استطاعوا. لقد حالت GOAL دون الانهيار الكامل للنظام الصحي هناك، وتعمل على بناء قدرة المجتمعات على الصمود بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات الفورية”.
وبدعم من الاتحاد الأوروبي، وسّعت المنظمة الآن هذا النهج في الإدارة الصحية ليشمل العيادات في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأبيض لمساعدة المزيد من الناس. في جنوب كردفان وحدها، استفاد من هذه الخدمات 450,000 شخص حتى الآن.
منذ أبريل 2023، جردت الحرب في السودان أكثر من 11 مليون شخص من حقهم الأساسي في الرعاية الصحية. وفي حين تمنح عيادات GOAL بعض الأمل، إلا أن الوضع في دارفور لا يزال مدمّرًا، فمع تصاعد حدة الصراع، تستمر العائلات في فقدان كل ما تملك: حياتها، ومنازلها، ومدارسها، ومستقبل أطفالها.