تحذير أممي: جنوب السودان “على وشك الانزلاق” لحرب شاملة مجددًا

حذرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان، الأربعاء، من أن البلاد على شفا الانزلاق مجددًا إلى حرب شاملة، وحثت المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات منسقة لمنع انهيار عملية الانتقال السياسي الهشة.

وأكد المفوض بارني أفاكو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن اتفاق السلام لجنوب السودان لعام 2018، الذي كان يُعتبر مسارًا للاستقرار “يتداعى” وسط تجدد القتال، والاعتقالات السياسية، والغارات الجوية التي تستهدف مناطق مدنية.

قال أفاكو أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة التي تتناول الشؤون الإنسانية والاجتماعية “إن الانتقال السياسي في جنوب السودان ينهار، ووقف إطلاق النار لا يصمد، والاعتقالات السياسية أصبحت أداة للقمع، ويُنْتَهَك الأحكام الرئيسية لاتفاق السلام بشكل ممنهج، وأن المؤشرات تشير إلى العودة إلى حرب مميتة أخرى.

وذكرت اللجنة أن الاشتباكات المسلحة تنتشر على نطاق لم يُشهد له مثيل منذ عام 2017، مدفوعةً بالصراعات السياسية، والتوترات العرقية، والمظالم المحلية.

وأضافت اللجنة أن التعديلات الوزارية والتعيينات الحزبية عمقت عدم الثقة بين الموقعين الرئيسيين على اتفاق السلام، بينما يُسْتَغَلّ العنف المحلي من قبل الأطراف الوطنية لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية.

ومنذ شهر مارس، اشتد القتال بين القوات المتناحرة، مما أدى إلى نزوح أكثر من 370 ألف مدني. وحاليًا، يوجد حوالي 2.5 مليون من مواطني جنوب السودان كلاجئين في البلدان المجاورة، بينما لا يزال مليونان نازحين داخليًا.

وقالت ياسمين سوكا، رئيسة اللجنة “معاناة شعب جنوب السودان ليست ضررًا جانبيًا، بل هي النتيجة المباشرة للفشل السياسي”.

وأضافت “يُقْصَف المدنيون، واغتصاب النساء، وتجنيد الأطفال في القتال، وترويع المجتمعات. هذه الحرب على شعب جنوب السودان هي صنع الإنسان ويمكن منعها. ولن تنتهي إلا عندما يُحَاسَب القادة”.

ودعت اللجنة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى تكثيف جهودهما لمعالجة ما أسمته “أزمة متجذرة في فشل الحكم والإفلات من العقاب”.

وشددت سوكا قائلة “لن يتحقق السلام بالكلمات أو المصافحات، سيتحقق من خلال إجراءات ملموسة، إنهاء الإفلات من العقاب، وحماية المدنيين، وبناء مؤسسات تخدم الشعب لا السلطة”.

في تقريرها الأخير إلى مجلس حقوق الإنسان في فبراير، وثقت اللجنة تصاعد الصراع، وذكرت أن جهاز الأمن القومي تواصل احتجاز قادة المعارضة تعسفيا، على الرغم من الوعود الحكومية بإلغاء سلطات الاعتقال الممنوحة لها. كما وثق التقرير العنف الجنسي الواسع النطاق ضد النساء والفتيات، وتجنيد الأطفال، والإعدامات خارج نطاق القضاء.

وأفاد المفوض كارلوس كاستريسانا فرنانديز أن الفساد يظل أحد الدوافع الرئيسية للصراع في جنوب السودان.

وقال: “مليارات من عائدات النفط تُخْتَلَس، بينما يتضور السكان جوعاً، والمستشفيات بلا أدوية، والمدارس بلا معلمين، والجنود بلا رواتب، بينما تثري النخب نفسها، والفساد ليس أثرا جانبيا للصراع، بل هو أحد محركاته”.

وكان تقرير اللجنة الصادر في سبتمبر بعنوان “نهب أمة: كيف أطلق الفساد المتفشي أزمة حقوق إنسان في جنوب السودان”، قد فصّل كيف أدت عائدات النفط المحولة إلى تأجيج الصراع والحرمان.

وحثت اللجنة الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والشركاء الإقليميين على الإسراع في إنشاء المحكمة الهجينة لجنوب السودان، وتكثيف الاشتباك الدبلوماسي لإدخال جميع الأطراف – بما في ذلك تلك الخارجة عن إطار السلام الحالي – في عملية سياسية ذات مصداقية.

وقالت سوكا: “شعب جنوب السودان لا يمكنه تحمل انهيار آخر، والعدالة والمساءلة يجب ألا تظلا وعودًا مؤجلة. يجب على المجتمع الدولي أن ينتقل من الأقوال إلى العمل المنسق.”

تأسست لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان عام 2016 بموجب قرار من مجلس حقوق الإنسان، وتتكون من خبراء مستقلين يُعَيَّنُون من قبل رئيس المجلس، بدعم من أمانة مقرها في جوبا.