مواطنو شمال بحرالغزال يتهمون المحاكم المحلية بعرقلة وصولهم الي العدالة 

اتهم مواطنو ولاية شمال بحر الغزال ، المحاكم المحلية بفرض رسوم باهظة تعيق وصولهم إلى العدالة، وهو ما يعد انتهاكًا لما يكفله الدستور الانتقالي لجنوب السودان.

وتركزت الشكاوى على محكمة الاستئناف في أويل، إلى جانب محاكم المقاطعات والوحدات الإدارية (البيام)، حيث قال المدّعون إنهم يواجهون مطالب مالية مرهقة في كل مرحلة من مراحل التقاضي. 

وقد وثقت إذاعة تمازُج بعض هذه الرسوم، من بينها:
 25,000 جنيه جنوب سوداني لتقديم دعوى أو التماس

10,000 جنيه أو أكثر لإجراءات التحقيق الجنائي

 30,000  جنيه لتقديم طلب استئناف

20,000  جنيه فأكثر لإصدار أمر قبض

كما يُطلب من المدعي دفع 10٪ نقداً من قيمة التعويضات المطالب بها قبل أن يُدان المتهم، وإذا لم يتمكن المدّعي من دفع هذه النسبة، يبقى المتهم طليقاً، مما يؤدي فعلياً إلى حرمان الفقراء من تحقيق العدالة.

وكشفت التحقيقات التي أجرتها راديو تمازُج، أن الرسوم غالباً ما يتم زيادتها أو فرضها مجدداً بشكل تعسفي ضمن نفس القضية، حيث يُزعم أن موظفي المحاكم وغيرهم من المتورطين يطالبون بمبالغ إضافية غير رسمية.

وانتقدت المواطنة أشول يويل كواج، المقيمة في أويل، النظام القضائي واصفة إياه بالاستغلالي. 

وقالت “القضاء أصبح مؤسسة تجارية. إذا لم يكن لديك مال، من الأفضل أن تتنازل عن قضيتك أو تأخذ حقك بيدك.”

وأضافت كواج أنها أنفقت أكثر من مليوني جنيه منذ يناير لمتابعة قضيتها، بما في ذلك 100,000 جنيه مقابل أداء اليمين بعد أن شكّك خصمها في أقوالها.

 كما زعمت أن ضابط شرطة طلب منها 150,000 جنيه لتنفيذ أمر قبض، وهو مبلغ يفوق بكثير المعدل الرسمي.

ورغم كسبها القضية، تم تغريم كواج 150,000 جنيه أو مواجهة السجن لمدة ستة أشهر بسبب انتقادها للقضاة، ما دفعها للدفع لتفادي الحبس.

وشكا مواطنون آخرون من معاناة مماثلة. وقال مو نقونق منويل إن العدالة أصبحت مستحيلة بدون مال: “إذا لم يكن معك نقد، قضيتك لن تتحرك. المال يسهّل الإجراءات.”

أما ماريا أمو ييل، فقد تخلت عن قضيتها في عام 2023 بعد أن عجزت عن دفع الرسوم، وكان مدين لها قد أعاد فقط 500,000 جنيه من قرضها، دون أن تحصل على أي إنصاف. 

وقالت “إذا كان خصمك يملك المال لتوكيل المحامين ودفع الرسوم، فسوف يصمد أكثر منك، حتى وإن كنت على حق.”

وتوقف موسيس كير يوم عن متابعة قضيته أيضاً بسبب التكاليف وقال “غياب المال يمنح الآخرين فرصة لسلب حقوقك، ولا يمكنك فعل شيء”.
النواب يقرّون بوجود الشكاوى

قالت تريزا أشول بيلوان، عضو البرلمان الولائي، إن النواب يتلقون شكاوى متكررة، لكنهم عاجزون إذا لم تُنفذ القوانين. 

وأضافت: “المواطنون يتهموننا بتجاهلهم، ولكن عندما لا تُطبق القوانين، لا يتم احترامنا.”

وتساءلت كيف لموظفين حكوميين محدودي الدخل – بعضهم لا يتقاضى سوى 15,000 جنيه شهرياً – أن يتمكنوا من دفع رسوم قد تصل إلى 60,000 جنيه.

وحذرت الناشطة أنجلينا أقاو ثييب من أن كلفة العدالة الباهظة تهدد الاستقرار.

 وقالت “الخلافات على الأراضي وقضايا كبرى أخرى تُهمّش بسبب الرسوم العالية، وهذا يضعف الأمن والديمقراطية.”

ودعت إلى وضع رسوم موحدة ومعقولة لضمان الوصول إلى العدالة، مؤكدة أن المحاكم “ليست مؤسسات ربحية، بل وجدت لحماية الحقوق.”

ولم يرد القضاة ومسؤولو المحاكم على طلبات إذاعة تمازُج للتعليق.