أدانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان بشدة اليوم “الثلاثاء”، القصف الجوي المتعمد لمستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود في فانقاك القديمة بولاية جونقلي.
وذكر بيان حصل عليه راديو تمازج، أن هذا الفعل يمثل جريمة فظيعة قد ترقى إلى مستوى الانتهاك الخطير للقانون الإنساني الدولي وجريمة حرب.
وجاء في البيان “أدى الهجوم الجوي الذي وقع في الصباح الباكر من يوم السبت الموافق 3 مايو 2025 إلى تدمير المستشفى، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن سبعة مدنيين وإصابة العديد، بمن فيهم المرضى ومقدمو الرعاية والعاملون الطبيون”.
وأضاف “دمر الهجوم بنية تحتية طبية حيوية وصيدلية المستشفى، مما أدى إلى قطع الرعاية الطبية المنقذة للحياة عن عشرات الآلاف من الأشخاص”.
ووفقا للجنة، تؤكد تقارير موثوقة وقوع المزيد من عمليات القصف الجوي في منطقة فام في فانقاك القديمة في الساعات الأولى من يوم 5 مايو 2025، حيث ورد أن قنابل سقطت بين مجمع تابع لمنظمة دولية غير حكومية ومكتب مفوض المقاطعة.
وقالت ياسمين سوكا، رئيسة اللجنة: “لم يكن هذا حادثا مأساويا، لقد كان هجوما متعمدا وغير قانوني على منشأة طبية محمية، وإن القصف الجوي لمستشفى أطباء بلا حدود في فانقاك القديمة يمثل جريمة حرب صارخة بموجب القانون الدولي”.
وأضافت “أن استهداف المرافق والخدمات الطبية ينتهك اتفاقيات جنيف، ويمثل اعتداءً مباشرا على أسس العمل الإنساني الذي يهدف إلى حماية المدنيين في مناطق النزاع، ويجب تحديد المسؤولين والتحقيق معهم ومحاسبتهم دون تأخير”.
وجاء الهجوم عقب بيان علني للمتحدث باسم قوات دفاع شعب جنوب السودان، يوم الجمعة الموافق 2 مايو 2025، أمر فيه باتخاذ إجراء عسكري انتقامي إذا لم تطلق العناصر المسلحة سراح بواخر المختطفة في ميناء أدوك بمقاطعة لير فورا. وحذرت قوات دفاع شعب جنوب السودان من أن عدم الامتثال سيؤدي إلى عمليات جوية ونهرية عقابية. صدر هذا التهديد بعد وقت قصير من قيام الحكومة، بإعلان عام استراتيجي، بتصنيف المقاطعات ذات الأغلبية عرقية النوير إلى “معادية” و “صديقة” وذكرت فانقاك، التي يسكنها عشرات الآلاف من المدنيين النوير، كواحدة من تسع مقاطعات “معادية”.
وقال المفوض بارني أفاكو “لا يبدو أن هذه الضربة حادث معزول، فقد وقعت في سياق تصاعد التنميط العرقي والاعتقالات غير القانونية وتصلب المواقف داخل النخبة السياسية والعسكرية”.
وأضاف “أن تصنيف مجتمع فانقاك بأكمله على أنه معاد أمر غير مسؤول إطلاقا، وقد يرقى إلى مستوى التحريض على الأعمال الانتقامية والعقاب الجماعي، ويجب إنهاء هذه الممارسة وإلغاء هذه التصنيفات فورا”.
وكان مستشفى أطباء بلا حدود هو المرفق الطبي الرئيسي الوحيد الذي يخدم أكثر من 40 ألف شخص في منطقة فانقاك القديمة، وأكدت منظمة أطباء بلا حدود التدمير الكامل للمستشفى والإمدادات الطبية في الهجوم، مما حرم السكان الضعفاء بالفعل- النازحين والمصابين- بصدمات نفسية بسبب النزاع، ومن الرعاية الطارئة وخدمات صحة الأمومة.
وقال المفوض كارلوس كاستريسانا فرنانديز “إن استهداف المرافق الطبية ليس غير قانوني فحسب، بل هو غير إنساني أيضا”. وأضاف “يجب أن تكون المستشفيات أماكن محمية، وليست ساحات قتال، وما حدث في فانقاك القديمة هو عرض لنمو الإفلات من العقاب والاستهانة بحياة الإنسان، وهو أمر يجب معالجته بشكل عاجل”.
ويشكل التصعيد في التوترات السياسية والعنف في جنوب السودان تهديدا مباشرا لقدرة المرحلة الانتقالية في جنوب السودان على الاستمرار، ويعرض تنفيذ اتفاق السلام المنشط للخطر.
وجاء في البيان: “تحث اللجنة الوفود الزائرة من مفوضية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية –إيقاد- على الضغط من أجل حماية المدنيين وتحقيق المساءلة، وحث الموقعين على الاتفاق على العودة إلى الحوار السياسي باعتباره الوسيلة الوحيدة لمعالجة الخلافات”.
وأضاف البيان: “يجب أن يكون وجود مفوضية الاتحاد الأفريقي وإيقاد في جوبا بمثابة حافز لانخراط سياسي عاجل وعالي المستوى لحث جميع الأطراف على العودة إلى الحوار وإيجاد طريقهم للعودة إلى تنفيذ الاتفاق المنشط”.
وتحذر اللجنة كذلك من أن الانتهاكات المتكررة لوقف الأعمال العدائية تدفع البلاد بشكل خطير نحو صراع آخر على مستوى البلاد.
وحذرت ياسمين سوكا، قائلة: “إن المسار الذي تسلكه جنوب السودان حاليا محفوف بالمخاطر، وإذا استمرت مثل هذه الهجمات دون عقاب، فإن اتفاق السلام يخاطر بأن يصبح بلا معنى. يجب على الاتحاد الأفريقي وإيقاد والمجتمع الدولي أن يستجيبوا على نحو حاسم”.