حذر مسؤولون في الأمم المتحدة وخبراء إقليميون، في إفادة أمام مجلس الأمن يوم الاثنين، من أن جنوب السودان يقف عند “نقطة تحول” خطيرة. يأتي هذا التحذير في ظل تزايد العنف، والجمود السياسي، وتفاقم الأزمة الإنسانية، مما يهدد بانهيار عملية السلام الهشة في البلاد.
من جانبها، أفادت مارثا آما آكيا فوبي، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، أن الاشتباكات بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة منذ شهر مارس قد أدت إلى مقتل مدنيين، ونزوح جماعي، وتدمير البنية التحتية. وأوضحت أن دعوات التهدئة من الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وكتلة “إيقاد” لم تسفر عن أي استجابة ملموسة.
وسلّطت فوبي الضوء على أسباب رئيسية للقلق، منها توقف الإصلاحات، وتأخر الخطط الخاصة بالانتخابات، واحتجاز شخصيات معارضة دون مراعاة الإجراءات القانونية. وأكدت أن “التصريحات بالالتزام ليست كافية”، داعيةً القادة إلى اتخاذ خطوات عملية نحو الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول 2026.
لا يزال الوضع الإنساني في جنوب السودان حرجًا، حيث يواجه 7.7 مليون شخص انعدامًا حادًا للأمن الغذائي، بينما يواجه 83 ألف شخص خطر المجاعة. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض عمليات الإغاثة للعرقلة بسبب نقص التمويل، حيث لم يتم تمويل سوى 28.5% من خطة الاستجابة لعام 2025. وتتفاقم الأزمة بسبب الهجمات المستمرة على العاملين في المجال الإنساني.
وفي السياق ذاته، أشار مورثاي موتيغا من مجموعة الأزمات الدولية إلى أن 9.3 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة، في حين دفع الصراع في السودان المجاور بأكثر من 1.2 مليون لاجئ إلى جنوب السودان. ودعا موتيغا إلى دبلوماسية عاجلة لمنع المزيد من التصعيد.
وأدان العديد من أعضاء مجلس الأمن العنف، وحثوا على إطلاق سراح السياسيين المحتجزين. ووصفت سلوفينيا الهجمات على عمال الإغاثة بأنها “غير مقبولة وغير قانونية”. فيما اتهمت الولايات المتحدة قادة جنوب السودان بافتقارهم للإرادة السياسية، ما يجعل المواطنين “محاصرين في حلقة من الصراع”.
وأكدت المملكة المتحدة ودول أخرى دعوات الاتحاد الأفريقي للإفراج عن مشار، محذرةً من أن احتجازه يعرض الانتخابات للخطر. بينما شددت باكستان على أن الانتخابات ذات المصداقية تتطلب “بيئة من الثقة والشمولية”.
وبرزت انقسامات بين أعضاء مجلس الأمن بشأن العقوبات. حثت الصين المجلس على رفع حظر الأسلحة، في حين أصرت فرنسا على الامتثال الكامل. واعتبرت روسيا بعض التحذيرات “مثيرة للقلق بشكل مبالغ فيه”، مشيرة إلى أن حكومة جنوب السودان لا يزال بإمكانها تفادي الحرب الأهلية.
وفي الختام، أكدت بوبي أن اتفاق السلام لعام 2018 يبقى “الإطار الوحيد القابل للتطبيق” لتجنب العودة إلى العنف واسع النطاق. واختتمت حديثها بالقول: “جنوب السودان عند نقطة تحول، وخطر الانتكاسة سيزداد فقط دون اتخاذ إجراءات”.