محلل سياسي ينتقد قرار تأسيس سلطة مدنية في مناطق سيطرة المعارضة 

قال محلل سياسي من جنوب السودان، أن خطوة الحركة الشعبية لتحرير السودان – في المعارضة لتأسيس سلطة مدنية موازية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها مؤشرًا على انهيار اتفاق السلام الهش في البلاد.

وقال بابويا جيمس إدموند، خبير السياسات العامة في معهد السياسات الاجتماعية والبحوث بجوبا، لراديو تمازُج، إن الأمر التنفيذي الصادر في 23 يونيو من قبل رئيس الحركة بالإنابة والقائد العام، الجنرال أويت ناثانيال بيرينو، يُعدّ بمثابة تصريح سياسي ورد فعل على فشل الحكومة في تنفيذ بنود أساسية من اتفاقية السلام المنشطة لعام 2018 لحل النزاع في جنوب السودان.

 وأضاف بابويا “هذه الخطوة توضح أن المعارضة ترى أن اتفاق السلام يحتضر. وهم الآن يحاولون تنفيذ بنود الاتفاق بأنفسهم، لا سيما تلك المتعلقة بالحكم اللامركزي والإدارة المحلية.”

وينص الأمر التنفيذي رقم 02/2025 على إنشاء سلطة محلية على مستوى المقاطعة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة، ويحدد أربع مناصب رئيسية: مفوض المقاطعة، المدير التنفيذي للمقاطعة، سكرتير الدفاع والأمن العام، وسكرتير تنفيذ القانون.

 وأوضحت الحركة أن هذا القرار يستند إلى قانون الحكم المحلي لعام 2009، ويأتي ردًا على “الانتهاكات المستمرة” لبنود محورية من اتفاق السلام، بما في ذلك تقاسم السلطة، إجراءات التعيين، والحكم على مستوى الولايات.
وأشار بابويا إلى أن المواد 1.1، و1.5 إلى 1.10، و1.12، و1.13، و1.16 من الاتفاق، التي تحدد هيكل الحكومة الانتقالية الموحدة، لا تزال غير منفذة إلى حد كبير.

وتابع “المعارضة تذكّر الحكومة بأن اللامركزية والحكم المحلي الفاعل لم يكونا اختياريين — بل منصوص عليهما في اتفاق السلام. ومن خلال هذه الخطوة، تؤكد الحركة شرعيتها المستمرة وتسلّط الضوء على تقاعس الحكومة.”

وحذّر الخبير من أن الخطوة قد تُعيد سيناريو “سلطتين متوازيتين” كما حدث إبان الحرب الأهلية، حينما كانت SPLM-IO تدير إدارتها الخاصة في المناطق التي كانت تحت سيطرتها، وتعيّن حكامًا ومفوضين بنفسها.

وأضاف “هذا الإعلان يُشير إلى أننا قد ندخل مرحلة تكون فيها فعليًا حكومتان في جنوب السودان — واحدة بقيادةالمعارضة وأخرى بقيادة الحكومة وهذا يطرح تساؤلات جادة حول الشرعية والوحدة الوطنية.”
وانتقد بابويا كلًا من الحكومة بقيادة كير والمعارضة لفشلهما في تقديم القيادة المطلوبة لحل الأزمة السياسية.

وقال “الحكومة الوطنية في حالة جمود، والمعارضة أيضًا في حالة جمود. وبدلًا من الحوار، يصدر الطرفان بيانات وتصريحات أحادية الجانب. اتفاق السلام يُهدد بأن يصبح مجرد ورقة بلا مضمون.”

ودعا بابويا الحكومة إلى مراجعة قانون الحكم المحلي وتنفيذ لامركزية حقيقية، تضمن للمقاطعات، والفيامات، والبومات، والبلديات أن تعمل كوحدات إدارية مستقلة.

وختم بالقول: “الطريق الوحيد إلى الأمام هو أن يعود الطرفان إلى طاولة الحوار، وأن يلتزما بتنفيذ اتفاق السلام — ليس بالكلام فقط، بل بالأفعال.”
ولم يتسنّ الحصول على تعليق من المسؤولين الحكوميين في جوبا حتى الآن.

ويتصاعد الإحباط من تأخّر تنفيذ اتفاق 2018، وتزايد انعدام الأمن، والتوترات السياسية، خاصة بعد اعتقال زعيم SPLM-IO ونائب الرئيس الأول رياك مشار من قبل الرئيس سلفا كير في مارس الماضي.
ومع تراجع أصوات الوسطاء الدوليين، يحذر المحللون من أن الفراغ السياسي قد يؤدي إلى مزيد من تفكك السلطة، مما يترك المدنيين يدفعون الثمن.

ويواجه جنوب السودان مفترق طرق خطير، مع تصاعد التوترات التي تهدد اتفاق السلام لعام 2018، مما يغذي مخاوف من تجدد النزاع في أحدث دولة في العالم، والتي تعاني بالفعل من أزمة إنسانية متفاقمة، بحسب تحذير صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة.