أفاد كور لوال، المحامي الرئيسي للدفاع عن رياك مشار، أن فريقه جاهز للمحاكمة التي من المقرر أن تبدأ يوم الاثنين. وأكد لوال في مقابلة مع راديو “تمازج” أن مشار والتهمين الأخرين، بصحة جيدة، وجاهزين للمثول أمام المحكمة.
تأتي محاكمة مشار، الذي وُضع تحت الإقامة الجبرية في مارس 2025، ووجهت إليه لاحقًا تهم جنائية خطيرة مثل الخيانة والقتل، في سياق سياسي معقد في جنوب السودان. وعلى الرغم من توقيع العديد من اتفاقيات السلام، أبرزها اتفاق السلام المنشط لعام 2018، لا يزال الوضع الأمني والسياسي في البلاد متدهورًا، كما يرى المحللون والمراقبون السياسيون.
وأشار المحامي لوال في حوار اليوم الجمعة، إلى وجود بعض النقاط الغامضة التي تحيط بالمحاكمة، أبرزها هوية القاضي الذي سيترأس الجلسات. ومع ذلك، عبّر عن ثقته بقدرة قضاة جنوب السودان على التعامل مع هذه القضية البارزة، آملًا أن تضمن المحكمة محاكمة عادلة.
وقد أكد لوال أنه التقى المتهمين جميعهم، وهم بصحة جيدة، وجاهزون للمثول أمام المحكمة، باستثناء نائب رئيس الأركان العامة، قبريال دوب لام، الذي لم يتمكنوا من مقابلته لكونه لا يزال في الخدمة العسكرية.
استراتيجية الدفاع والشكوك حول الأدلة
رفض المحامي الكشف عن استراتيجيات الدفاع، مؤكدًا أنها تخص الفريق القانوني فقط، وستُنَاقَش بشكل أعمق بعد الإعلان عن هوية القاضي.
وأضاف لوال أن فريق الدفاع ليس لديه حتى الآن تفاصيل التهم المحددة أو الأدلة التي تدعمها. وأوضح: “في هذه المرحلة، هي مجرد اتهام. سيُقَدَّم الأدلة في المحكمة، وبعد ذلك، سنكون في وضع يسمح لنا بتحديد ما يجب فعله”.
موقع المحاكمة وتداعياتها السياسية
أعرب لوال عن بعض التحفظات بشأن احتجاز المتهمين في مقرات عسكرية، معتقدًا أن المحكمة هي المكان الأنسب لهذه القضية. وحول مكان المحاكمة، نفى تلقي أي تأكيد رسمي بشأن إقامتها في قاعة “الحرية”، مشيرًا إلى أن قاعات المحاكم العادية صغيرة جدًا لاحتواء هذه القضية الكبيرة وعدد المتهمين.
وعلى الصعيد السياسي، أكد لوال أن الحكم في قضية رياك مشار سيكون له تداعيات سياسية، لكنه شدد على أن تركيزه سينصب على الجانب القانوني للمحاكمة فقط، تاركًا الجانب السياسي للسياسيين.
وفي رسالة ختامية، دعا لوال عائلات المتهمين والمتابعين جميعهم للقضية إلى التحلي بالصبر، مؤكدًا أن الإجراءات تسير بشكل طبيعي، وأن العدالة في نهاية المطاف ستسود.
وتُعَدّ هذه التهم مرتبطة بهجوم شنّته مليشيا “الجيش الأبيض” على قاعدة عسكرية في ولاية أعالي النيل في مارس الماضي، والذي تقول الحكومة إنه أدى إلى مقتل أكثر من 250 جنديًا وطيارًا تابعًا للأمم المتحدة. وتتهم الحكومة رياك مشار بالوقوف وراء هذه الهجمات.
الصراع السياسي والأزمة الإنسانية

الصراع بين سلفا كير ورياك مشار ليس مجرد تنافس سياسي على السلطة، بل هو صراع عميق الجذور يغذّيه الانقسامات القبلية، وتستغل النخبة السياسية هذه الانقسامات للحفاظ على السلطة والسيطرة على ثروات البلاد.
يشهد جنوب السودان حاليًا فترة من عدم اليقين السياسي والأمني، مع تصاعد التوترات بين الفصائل الرئيسية. وعلى الرغم من اتفاق السلام لعام 2018، استمرت التوترات بين الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار.
كما تشهد البلاد تصاعدًا في أعمال العنف في مناطق مختلفة، خاصة في ولايتي أعالي النيل وجونقلي. هذه الاشتباكات، التي تتورط فيها قوات حكومية وميليشيات مرتبطة بالمعارضة، تثير مخاوف من العودة إلى حرب أهلية واسعة النطاق، وقد حذرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى من أن البلاد تتأرجح على شفا صراع جديد.
ويعاني جنوب السودان من أزمة إنسانية حادة، حيث يعتمد أكثر من 9 ملايين شخص على المساعدات الإنسانية. تتفاقم هذه الأزمة بسبب الفيضانات، وتفشي الأمراض، وتزايد انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى تأثيرات الحرب في السودان المجاورة، والتي تسببت في نزوح مئات الآلاف من الأشخاص إلى جنوب السودان.
أصدرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع تقارير حديثة تفيد بأن الفساد الحكومي المنهجي قد أدى إلى نهب مليارات الدولارات من الإيرادات العامة، مما يعيق توفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. ويشير التقرير إلى أن هذا الفساد يساهم على نحو مباشر في الأزمة الإنسانية ويعيق الاستقرار.



