دعا رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت مواطني بلاده إلى أن يكونوا «روادًا للسلام» وأن يلتمسوا هداية الله لتجاوز التحديات التي تواجه البلاد.
وجاءت دعوة الرئيس خلال إفطار الصلاة الوطني الذي استضافه، يوم السبت، في العاصمة جوبا، حيث طغت على كلمته نبرة تأملية ركزت على التجديد الروحي بعيدًا عن الخطاب السياسي.
وأُقيمت الفعالية في القصر الرئاسي (J1)، تحت إشراف ابنته والمبعوثة الرئاسية الخاصة أدوت سلفا كير.
ونُظّم اللقاء تحت شعار «طوبى للأمة التي الرب إلهها».
وقال الرئيس كير مخاطبًا القيادات الدينية والمسؤولين الحكوميين وممثلي المجتمع المدني والدبلوماسيين: «الهدف من هذه الصلوات هو التماس هداية الله وبركاته لبلادنا».
وأكد الرئيس أنه تعمّد استبعاد النقاشات السياسية، واصفًا المناسبة بأنها يوم لـ «تجديد آمالنا في المسؤولية المشتركة لبناء جنوب سودان أفضل».
وفي استعراضه لتاريخ البلاد المضطرب، أشار كير إلى أن الاستقلال تحقق عبر «التضحيات، والصبر، والصلاة»، مؤكدًا أن الأمة بحاجة اليوم إلى استعادة هذه القيم ذاتها.
ووجّه الرئيس رسالة مباشرة إلى القيادات في مواقع السلطة، داعيًا إياهم إلى خدمة الشعب بـ «الأمانة، والتواضع، والمساءلة».
كما رسم ملامح طريق التعافي الوطني، مشددًا على أن ذلك يتطلب نبذ الانقسام والقبلية والكراهية والانتقام، وتبنّي الحوار والمغفرة والمصالحة».
وامتدت دعوة الرئيس للصلاة إلى الشأن العام، معتبرًا أن الهداية الإلهية يجب أن توجه كل مفاصل الحكم، من حماية المواطنين إلى إدارة الموارد الوطنية.
وتابع «فلنلتمس هداية الله في جهودنا… حتى في كيفية تخصيص مواردنا».
وفي ختام كلمته، وجّه الرئيس نداءً عامًا للصلاة: «أناشد القادة الدينيين، وموظفي الخدمة العامة، وجميع المواطنين أن يصلّوا إلى الله ليمنحنا الحكمة، ونحن نعمل من أجل السلام والوحدة».
ومع اقتراب احتفالات عيد الميلاد، قدّم الرئيس تهانيه للحضور، داعيًا إياهم للاستعداد لـ «استقبال ميلاد ربنا يسوع المسيح»، واختتم خطابه بالقول: «ليبارككم الله جميعًا، وليبارك بلدنا، جمهورية جنوب السودان».
من جانبها، وصفت أدوت سلفا كير، رئيسة اللجنة المنظمة، المناسبة بأنها «حدث تاريخي»، مرحبة بقرار الرئيس جعل إفطار الصلاة فعالية سنوية.
وقالت: «سيُسجل هذا اليوم في السجلات السياسية لجنوب السودان»، مضيفة أن الهدف هو توحيد القيادات ووضع «الإيمان والقيم الأخلاقية في صميم الحكم».
وقاد رجال دين من مجلس كنائس جنوب السودان وطوائف مسيحية أخرى صلوات من أجل التوبة الوطنية، والمغفرة، والوحدة، سائلين الله شفاء الانقسامات التي خلفتها الظلم، والجشع، والكراهية القبلية.
دعوات لربط الصلاة بخطوات عملية
ورغم الإشادة بالمناسبة من قبل بعض الأوساط باعتبارها خطوة إيجابية نحو السلام والمغفرة، رأى منتقدون أن هذه المبادرة يجب أن تترافق مع إجراءات سياسية ملموسة.
ويواجه جنوب السودان أزمة اقتصادية حادة، حيث لم يتقاضَ موظفو الخدمة المدنية والجنود رواتبهم منذ أشهر، كما لم تُجز بعد ميزانية العام المالي ٢٠٢٥/٢٠٢٦.
وأشار مراقبون إلى أن الرئيس كان بإمكانه استغلال المناسبة لإرسال رسالة مصالحة قوية، مثل العفو عن شخصيات سياسية بارزة.
وقال دوت ماجوكديت، القيادي البارز في الحركة الشعبية لتحرير السودان – في المعارضة (SPLM-IO) بقيادة ريك مشار، لـراديو تمازُج، إن الصلوات ستكون أكثر تأثيرًا إذا أمر الرئيس بـ: «الإفراج غير المشروط عن الدكتور مشار وغيره من القادة المحتجزين».
ويخضع مشار، النائب الأول للرئيس المعلّق، لمحاكمة حاليًا.
وأضاف ماجوكديت: «لكي تتحقق المصالحة الوطنية، يجب أن تبدأ من أعلى هرم القيادة».
من جهته، قال إدموند ياكاني، أحد قادة المجتمع المدني، إن المغفرة بين الخصوم السياسيين عنصر أساسي لضمان انتخابات سلمية مقررة في ديسمبر ٢٠٢٦. «كنا نأمل أن يمهّد خطاب الرئيس الطريق لمغفرة ومصالحة حقيقية».



