حذرت منظمة عالم بلا حرب (World Without War) من أن قرار حكومة جنوب السودان بمحاكمة المتهمين بارتكاب “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” خلال أحداث العنف في ناصر مطلع هذا العام قد يؤدي إلى تصاعد التوترات وانهيار اتفاق السلام المنشط ما يهدد البلاد بالعودة إلى حرب أهلية مدمرة.
وفي بيان صادر اليوم الخميس، أقر المقدم المتقاعد إدوارد إتش كاربنتر مدير المنظمة بالخطوة “التاريخية والجديرة بالثناء” التي اتخذتها الحكومة في سعيها لتحقيق العدالة، لكنه شدد على ضرورة تحويل القضية إلى محكمة أكثر ملاءمة لتجنب زعزعة الاستقرار.
وأشار كاربنتر إلى أن الإجراء الحكومي الحالي يمثل سابقة إيجابية و”غير مسبوقة” في تاريخ جنوب السودان فـهي المرة الأولى التي تعترف فيها الحكومة بارتكاب أفراد عسكريين وشبه عسكريين يعملون تحت إشراف قيادات سياسية وعسكرية رفيعة لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
نقل البيان عن وزير العدل في جنوب السودان جوزيف قينق أكيج تأكيده أن الأفعال المرتكبة شملت “انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف والقانون الإنساني الدولي بما في ذلك تدنيس الجثث واضطهاد المدنيين والاعتداء على العاملين في المجال الإنساني” وشملت الاتهامات إعدامات ميدانية للجنود المستسلمين وقتل مدنيين.
ونوّه كاربنتر إلى أن إعلان الحكومة عدم استثناء حتى أعضاء أعلى الهيئات التنفيذية من الملاحقة القضائية يعد مؤشراً إيجابياً، ورغم التحديات القانونية المحيطة بحصانة الرؤساء يظل الاعتراف الرسمي بوجود عنف ممنهج بتوجيه من قيادات عليا أمراً “نادرًا للغاية”
على الرغم من الإشادة بالخطوة الأولى نحو المساءلة تتفق “عالم بلا حرب” مع منظمات دولية بارزة مثل الأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية في ضرورة أن تكون هذه المحاكمات عادلة شفافة وغير مسيسة مع حماية حقوق المتهمين في الإجراءات القانونية الواجبة. لكن القلق الأكبر يتعلق بـالاستقرار السياسي وحيادية المحاكمة الحالية.
ولفت البيان إلى أن قائمة الاتهامات تجاهلت الضربات الجوية العشوائية التي استهدفت المدنيين في ناصر والمناطق المحيطة بها، والتي أسفرت عن مقتل 30 مدنياً معظمهم من النساء والأطفال باستخدام “براميل متفجرة” تحتوي على مواد كيميائية وحارقة.
وفقا للبيان تشير النماذج التحليلية للمنظمة إلى وجود فرصة بنسبة 50% لاندلاع الحرب مجددا قبل نهاية نوفمبر ترتفع إلى أكثر من 80% في ديسمبر، ويناير ما لم تُعَالَج الأزمة السياسية القائمة.
وطالبت المنظمة حكومة جنوب السودان بتحويل القضية فوراً إلى المحكمة المختلطة لجنوب السودان وهو المطلب الذي لم ينفذ بعد ضمن اتفاقية السلام. أو مطالبة مجلس الأمن الدولي بتحويل الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية أو تشكيل محكمة مخصصة على غرار ما حدث في رواندا ويوغوسلافيا السابقة.

أكد كاربنتر أن تحويل القضية إلى جهة قضائية دولية أو مختلطة سيسمح للحكومة الانتقالية بالتركيز على الأزمات الملحة الأخرى خاصة الأزمة الاقتصادية والإنسانية والعمل على استقرار عائدات النفط وتنفيذ إصلاحات السلام الحاسمة.
وجهت “عالم بلا حرب” دعوات للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لتقديم الدعم الفني لتشكيل المحكمة المختلطة أو الشروع في تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات مناسبة
وناشد البيان، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على استخدام نفوذ المؤسسات المالية الأمريكية مثل مؤسسة تمويل التنمية الدولية لربط القروض والاستثمارات بالتنفيذ الفوري للمحكمة المختلطة والإصلاحات الأمنية.
كما حث جمهورية الصين الشعبية والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي تجميد أو تعديل شروط المساعدات والقروض لدفع جوبا نحو التطبيق الفعلي للإصلاحات القضائية والأمنية المنصوص عليها في اتفاق السلام.
وختم كاربنتر بيانه بمناشدة جميع أصدقاء جنوب السودان وشركائها بالعمل لدعم حكومة الوحدة الوطنية في تنفيذ اتفاق السلام إجلالاً لذكرى جميع من ضحوا من أجل “جنوب سودان حرة وموحدة تعيش في سلام وأمن وازدهار”.
وقال البيان “إن منظمة “عالم بلا حرب” تدين جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي، نحن نرى أنه من العبث الحديث عن “جرائم حرب” فالجريمة الحقيقية هي الحرب. ولذلك تدعو منظمتنا التي أسسها المقدم المتقاعد إدوارد إتش كاربنتر، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية وحافظ سلام أممي إلى إلغاء الحرب، ونعمل على تبديد الأساطير المستمرة حول “الحروب العادلة” وتلك الكذبة القديمة”.
وقالت المنظمة إنها تؤمن بأن الشفافية هي المفتاح للمساءلة، والمساءلة هي الطريق لتحقيق التغيير الإيجابي.