مع اقتراب جنوب السودان من الاحتفال بالذكرى الـ14 للاستقلال في 9 يوليو الجاري، لا تزال حالة الغموض تكتنف موعد استئناف أعمال البرلمان الانتقالي (TNLA)، التي لم تعقد أي جلسة منذ دخولها العطلة البرلمانية في ديسمبر 2024.
هذا التأخير يثير قلقًا واسعًا بشأن احتمال تأجيل إقرار موازنة الدولة للعامين 2025-2026، خصوصًا أن جنوب السودان هي الدولة الوحيدة في إقليم مجموعة شرق إفريقيا التي لم تعتمد ميزانيتها الجديدة، خلافًا لدول مثل كينيا، أوغندا، تنزانيا، بوروندي، ورواندا، والتي قدمت بالفعل ميزانياتها للعام المالي الجاري.
وعندما سُئل المتحدث الرسمي باسم البرلمان، أوليفر موري بنجامين، عن أسباب التأخير، أرجع ذلك إلى الانشغال بالتحضيرات الجارية للاحتفال بعيد الاستقلال.
وقال “ليس بعد، الناس مشغولون الآن بالتحضير لاحتفالات يوم الاستقلال في 9 يوليو. الجميع منشغل بذلك”.
من جانبه، أعرب بول جوزيف أقاو، رئيس صندوق تطوير الدوائر الانتخابية وعضو اللجنة الاقتصادية، عن استيائه من التجميد، مشددًا على أن استئناف الجلسات يتطلب تنسيقًا بين مختلف مؤسسات الدولة.
وأضاف “بصفتي نائبًا، كنت أتمنى أن تُستأنف الجلسات فورًا، لكن لا يمكننا التحرك بمفردنا. الأمر يحتاج إلى قرار جماعي، ولا تستطيع جهة واحدة فرضه.”
وأكد أن إقرار الموازنة يجب أن يكون أولوية قصوى فور استئناف أعمال البرلمان.
وقال “الموازنة أمر بالغ الأهمية. إذا تم فتح البرلمان، يجب أن تبدأ المناقشات فورًا لضمان إتمام العملية خلال 45 يومًا كحد أقصى، أي في يوليو أو أغسطس، أما بقية القوانين، فيمكن مناقشتها لاحقًا.”
ورغم أن التحضيرات لعيد الاستقلال تُطرح كسبب رسمي، إلا أن مراقبين أشاروا إلى أن الضائقة المالية هي السبب الحقيقي وراء التأخير.
وكان موري نفسه قد صرّح في يونيو الماضي أن التأجيل يعود إلى “ظروف خارجة عن إرادتنا”.
كما أشار أقاو إلى نقص السيولة النقدية في الأسواق، رغم جهود الحكومة في التحول إلى الدفع الرقمي.
وقال “المشكلة ليست في غياب الأموال، بل في احتكارها. الناس يكدّسون النقود في منازلهم، مما يُعيق التداول في الأسواق، والجمارك، ودوائر الدولة.”
أما النائب القومي دانيال جوول نامونقيك، فقد اعتبر أن تأجيل فتح البرلمان ناتج عن غياب التمويل، وليس عن ترتيبات عيد الاستقلال كما يُقال.
وقال: “السبب الحقيقي هو أنه لا توجد أموال. البرلمان كان من المفترض أن يُفتتح في الأول من أبريل، لكنهم تحدثوا عن مشاكل لوجستية.”
وأضاف: “قيل لنا مؤخرًا إن مسؤولي البرلمان يتعاونون مع وزارة المالية لتأمين التمويل اللازم لاستئناف الجلسات. لا علاقة لهذا بعيد الاستقلال. يمكن التحضير للاحتفال بالتوازي مع انعقاد الجلسات.”
الناشط المدني تير مانيانق قاتويج، والمهتم بقضايا الحوكمة الرشيدة، أشار إلى أن تأخير صرف الرواتب والمستحقات المالية للنواب هو السبب الفعلي لتعليق أعمال البرلمان.
وقال “البلاد تعيش في حالة فوضى. حتى المسؤولين أنفسهم لا يعرفون ما يحدث. رئيس البرلمان قال لي إن السبب في التأجيل هو نقص الموارد. النواب بانتظار صرف مخصصاتهم.”
وأضاف أن إدارة البرلمان قدمت طلبًا رسميًا لوزارة المالية والتخطيط لتوفير الميزانية اللازمة، لكن حتى الآن لم يتم الرد.
ولم يتسنّ الحصول على تعليق فوري من مسؤولي وزارة المالية والتخطيط القومي.