ارتفاع حالات الإجهاض غير الآمن بين الفتيات في مخيم جوبا للنازحين داخليًا

أعربت مجموعة من القيادات النسائية والناشطات في جنوب السودان، عن قلقهن بشأن ارتفاع حالات الإجهاض غير الآمن بين الفتيات الصغيرات المقيمات في مخيم جوبا للنازحين داخليًا، المعروف سابقًا باسم موقع حماية المدنيين.

يأتي غضبهن في أعقاب تقرير مثير للقلق أصدرته السلطات، كشف عن تسجيل “١٤٣” حالة إجهاض بين يناير ويونيو ٢٠٢٥ في المخيم وحده.

 وقد أثار هذا الرقم، الذي وصفه القادة المحليون بأنه “مفجع”، دعوات للتدخل الفوري لحماية الفتيات والنساء المستضعفات اللواتي يعشن في ظروف بائسة.

قالت جوان سوكو سايمون، أخصائية النوع الاجتماعي في منظمة “الاهتمام بالمرأة والطفل”: “هذه أزمة بالفعل. لا يقتصر الأمر على الفتيات فحسب – بل أحيانًا تُجبر الأمهات على الإجهاض بسبب الجوع أو انعدام الأمن أو نقص الدعم. لكن الفتيات هن من يعانين أكثر، في صمت”.

حذّرت سايمون، التي تعمل مع دور الأيتام والمدارس القريبة من مخيم النازحين داخليًا، من أن الفقر والحمل المبكر وتعاطي المخدرات وضعف الرقابة الأبوية يدفع العديد من الفتيات نحو عمليات إجهاض سرية وخطيرة.

وحثّت الأمهات والمعلمات والعاملون في مجال الصحة على تحمل مسؤولية أكبر في حماية الفتيات وتعليمهن.

وقالت “إذا لم نراقب فتياتنا ونرشدهن، فسيستمر هذا الوضع. حتى إن بعضهن يحصلن على مساعدة من أشخاص غير مؤهلين لإنهاء الحمل، وينتهي بهن الأمر بالوفاة أو التلف الدائم”.

ووفقًا لأسونتا أدوك، منسقة حقوق الإنسان في مخيم جوبا للنازحين داخليًا، تُجرى العديد من عمليات الإجهاض بسرية، وغالبًا ما يتم التخلص من الأجنة في مكبات النفايات أو المراحيض.

وقالت أدوك لراديو تمازج “بلغ عدد هذه الحالات 143 حالة وفقًا للتقارير، والعدد في ازدياد. الأسباب الجذرية معقدة – الإهمال والعنف الجنسي ونقص الدعم بعد حالات الحمل غير المقصود”. 

أوضحت أن العديد من الفتيات يحملن إما نتيجة الاغتصاب أو علاقات يتخلى فيها الرجال عن مسؤوليتهم.

وأضافت “لكن الحمل ليس عيبًا. فمع الدعم المناسب، تستطيع هؤلاء الفتيات إكمال تعليمهن وعيش حياة كريمة”.

وأكدت زينب عثمان كيري، المديرة التنفيذية لمبادرة تمكين المرأة والشباب، أن العديد من الفتيات يُجهضن حملهن خوفًا من العواقب الاجتماعية.

 وقالت إنه في بعض الحالات، تُجبر ضحايا الاغتصاب على الزواج من المعتدين عليهن، أو تُبعدهن عائلاتهن.

وأوضحت “تخيلي أن تكوني حاملًا، وتعرفين أن عائلتك ستزوجك من المعتدي عليك. هذا ما تواجهه هؤلاء الفتيات. يجب أن نتحدث إليهن، ونرشدهن ونحاسب الرجال المسؤولين. لم تحمل الفتيات وحدهن”.

حثّت زينب المجتمع المدني ومنظمات حقوق المرأة على زيارة المخيمات والتحدث مباشرةً مع الفتيات والتحقيق في الأسباب الجذرية لهذه المأساة المتفاقمة.

وأكدت ميري أقول جون دينق، الأمينة العامة لمجلس اتحاد النسا، على الحاجة المُلحة لاستجابة وطنية، وألقت باللوم في تزايد حالات الإجهاض غير الآمن على انهيار الهياكل الأسرية والفقر والصدمات النفسية الناجمة عن سنوات من الصراع والنزوح.

وقالت “هؤلاء الفتيات ينتمين إلى أسر غير مستقرة. يُتركن دون إشراف في المخيمات دون إمكانية الحصول على التعليم أو التوجيه أو الرعاية الصحية، يلجأن إلى العصابات والمخدرات ثم إلى الإجهاض لعدم وجود من يُساعدهن”.

ودعت أقول المؤسسات الحكومية والجمعيات النسائية والمنظمات الدولية غير الحكومية إلى التعاون لوضع خطة شاملة لحماية الفتيات النازحات وتمكينهن.

ومضت “نحن بحاجة إلى إعادة بناء القيم التي فقدناها. إذا لم نتحرك الآن، فسنخسر الجيل القادم من الفتيات اللواتي كان من المفترض أن يُقدن هذا البلد”.

أكد وور كياه دواج، عضو مجموعة مراقبة الأمن “نوير كا نجوان” (N4)، إن فريقه شهد عدة حالات إجهاض، بما في ذلك أجنة عُثر عليها فوق مراحيض المخيم.

وقال “من الصعب ضبط الفتيات متلبسات؛ لأنهن يفعلن ذلك سرًا ويختفين. لكننا شهدنا العواقب”. وأضاف “هؤلاء الأطفال نعمة من الله، ونطلب من الفتيات ألا يُهدرنَ حياتهن”.

وبينما ترفع القيادات النسائية أصواتها، فإنها لا تطالب فقط بالعدالة والدعم للفتيات، بل أيضًا بالاهتمام الوطني والعمل المنسق لإنهاء الأزمة قبل إزهاق المزيد من الأرواح.

وقالت زينب “لا نريد أن يُعرف جنوب السودان بهذا. هؤلاء الفتيات بناتنا. يستحققن الأفضل”.