أربع وكالات أممية تحث على اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان

دعت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي يوم الخميس إلى توجيه اهتمام دولي عاجل نحو الأزمة في السودان لمعالجة المعاناة الهائلة والمخاطر المتزايدة على السكان.

وأشار بيان صحفي مشترك إلى أن أكثر من 900 يوم من القتال الوحشي والانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والمجاعة وانهيار الخدمات الحيوية دفعت الملايين إلى حافة البقاء، لا سيما النساء والأطفال.

وشهد كبار المسؤولين من الوكالات الأربع خلال زياراتهم الأخيرة إلى السودان التأثير المدمر للأزمة في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك دارفور والخرطوم والمناطق الأخرى المتأثرة بالنزاع

ويواجه السودان إحدى أشد حالات الطوارئ في العالم حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية بما في ذلك أكثر من 96 مليون نازح داخلي وما يقرب من 15 مليون طفل زيادة على ذلك عاد حوالي 26 مليون شخص إلى ديارهم مع تراجع القتال في الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد، لكن الكثيرين يجدون منازلهم وأحياءهم متضررة أو مدمرة، وتفتقر إلى الخدمات الأساسية، وعاد أكثر من مليون شخص إلى الخرطوم وحدها منذ بداية عام 2025.

وقد دمر النزاع الوحشي المستمر لعامها الثالث الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، وأصبح 14 مليون طفل في سن الدراسة من أصل 17 مليوناً خارج المدرسة، وقد نزحت مجتمعات بأكملها، وتواجه الأسر انتهاكات لحقوق الإنسان ومخاطر حماية جسيمة، وأُكِّد وجود مجاعة في أجزاء من السودان العام الماضي، ولا يزال وضع الجوع كارثياً حيث الأطفال هم الأكثر تضرراً، وارتفعت معدلات سوء التغذية وهناك آلاف معرضون لخطر الموت الوشيك دون مساعدة فورية في الغذاء والتغذية>

قالت أوغوتشي دانيلز نائبة المدير العام لعمليات المنظمة الدولية للهجرة التي عادت توا من زيارة للسودان إن “حجم العودة إلى الخرطوم هو علامة على الصمود وتحذير في الوقت نفسه” مضيفة أن” عزيمتهم على إعادة البناء رائعة، لكن الحياة تظل هشة بشكل لا يصدق، وفي جميع أنحاء السودان تنتشر الكوليرا وحمى الضنك والملاريا؛ مما يجعل الاستثمار في المياه النظيفة والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى أكثر إلحاحاً.

وتعكس الأسر العائدة إلى السودان تحولاً هزيلاً، ولكنه مفعم بالأمل مدفوعاً بالتصميم على إعادة بناء حياتهم بعد سنوات من الصراع المستمر ومع ذلك يظل السودان بلداً في أزمة عميقة

وقالت إن لا يزال الوصول إلى السكان الأكثر تضرراً مقيداً بشدة، ويواجه العاملون في المجال الإنساني انعداماً للأمن وعقبات بيروقراطية وتحديات لوجستية تجعل توصيل المساعدات المنقذة للحياة أمراً صعباً للغاية وهناك حاجة إلى تبسيط الإجراءات بحسب البيان المشترك، وتظل الهجمات ضد المدنيين واسعة النطاق، وتستمر النساء والفتيات في مواجهة مخاطر جسيمة للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع.

وأشارت إلى أن في الخرطوم ومع تزايد المشاعر المعادية للأجانب، فإن دعم السودان الطويل الأمد لما يقرب من 900 ألف لاجئ يتعرض للضغط، وتعد الحماية المستمرة للاجئين منقذة لحياة مئات الآلاف المحتاجين.

وقالت كيلي تي كليمنت نائبة المفوض السامي في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بعد زيارة لمواقع النزوح في بورتسودان وخارج الخرطوم “هذه إحدى أسوأ أزمات الحماية التي شهدناها منذ عقود” مضيفة “نزح الملايين داخل وخارج البلاد والأسر العائدة لديها القليل من الدعم في ظل غياب الخيارات الأخرى”.

وتابعت “تحدثت مع عائلات فرت مؤخراً من الفاشر بقصص مروعة عن إجبارهم على ترك كل شيء خلفهم وسلك طرق محفوفة بالمخاطر إنه بيئة ديناميكية والدعم مطلوب في كل مكان”.

وقالت إن الوضع في جميع أنحاء دارفور وولايات كردفان مثير للقلق العميق مع تصاعد الاحتياجات الإنسانية، وتزداد المجتمعات عزلة وانهيار الخدمات الأساسية يترك الملايين عرضة للخطر وتواصل الوكالات بذل كل جهد للوصول إلى المدنيين حيث يتحمل الأطفال والأسر ظروفاً تتحدى البقاء.

كما أن في الفاشر لا يزال أكثر من 260 ألف مدني بمن فيهم 130 ألف طفل محاصرين تحت الحصار لأكثر من 16 شهراً ومقطوعين عن الغذاء والماء والرعاية الصحية، وانهارت المرافق الصحية، وأصبح آلاف الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم بدون علاج، ويواجهون خطراً وشيكاً بالموت، وتتزايد يومياً تقارير القتل والعنف الجنسي والتجنيد القسري، وفي كردفان ظلت بلدات مثل الدلنج وكادقلي معزولة لأشهر حيث تعاني الأسر من تدمير أنظمة المياه، وتعطل الخدمات الصحية، وتنتشر فاشيات الكوليرا والحصبة دون رادع.

وقال تيد شيبان نائب المدير التنفيذي لليونيسف “ما شهدته في دارفور وأماكن أخرى هذا الأسبوع هو تذكير صارخ بما هو على المحك أطفال يواجهون الجوع والمرض وانهيار الخدمات الأساسية” وتابع “مجتمعات بأكملها تعيش في ظروف تتحدى الكرامة الأطفال يعانون سوء التغذية ومعرضين للعنف وخطر الموت من أمراض يمكن الوقاية منها الأسر تفعل كل ما بوسعها للبقاء على قيد الحياة، وتظهر تصميماً غير عادي في مواجهة مصاعب لا يمكن تصورها من الواضح أن الأمم المتحدة والشركاء يستجيبون، ولكن يجب أن يقابل تصميم الأسر بعمل عالمي عاجل لوقف النزاع”.

وفقاً لوكالات الأمم المتحدة، فإن نقص التمويل يزيد تفاقم الأزمة، ولا تزال خطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2025 التي يبلغ مجموعها 42 مليار دولار تعاني نقصاً حاداً في التمويل بنسبة 25 في المائة فقط؛ مما يهدد نطاق واستمرارية عمليات الطوارئ، وعلى الرغم من التحديات الهائلة وصلت الاستجابة الإنسانية في السودان إلى أكثر من 135 مليون شخص حتى الآن هذا العام بما في ذلك في المناطق الأكثر تضرراً في دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة، ولكن بدون موارد إضافية ستضطر الوكالات الإنسانية إلى تقليص التدخلات المنقذة للحياة؛ مما يعرض حياة الملايين للخطر.

وقالت فاليري غوارنيري مساعد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي “رأيت مدينة دمرتها الحرب حيث تحتاج الأسر العائدة إلى الخرطوم بشكل عاجل إلى الغذاء والماء والخدمات الأساسية، ولكن قبل كل شيء رأيت تصميماً ورغبة في إعادة البناء وبدء الحياة رأيت أملاً”.

وأضافت “نحن جميعاً نعمل معاً معا مع المنظمات المحلية والمجموعات المجتمعية لمساعدة الأسر النازحة والمقيمين والعائدين على إعادة بناء حياتهم من خلال توفير الغذاء والتغذية والوجبات لأطفال المدارس وتقديم الدعم لاستعادة الخدمات الأساسية”

ودعت الوكالات الأربع على نحو مشترك إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين وخاصة الأطفال، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لجميع السكان المتضررين بما في ذلك وجود للأمم المتحدة في جميع أنحاء البلاد، وتبسيط إجراءات توصيل المساعدات وحركة الموظفين، وتمويل عاجل ومرن لتوسيع نطاق التدخلات المنقذة للحياة، ودعم الحلول الدائمة للنازحين بما في ذلك العائدين والمجتمعات المضيفة، ودعم مستمر للنازحين داخلياً وما يقرب من 900 ألف لاجئ داخل السودان بحاجة إلى الحماية الدولية والخدمات.

واختتم البيان بالتأكيد على أن “المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي تؤكد التزامها بالعمل معاً لتقديم المساعدة المنقذة للحياة والحماية للأطفال والأسر في جميع أنحاء السودان” وأن “المجتمع الإنساني مستعد، ولكنه لا يستطيع العمل بمفرده يجب على العالم أن يتحرك”.