غير مصنف

دعوى قضائية ضد وزارة المالية بجنوب السودان بشأن ديون تتجاوز مليار دولار

تواجه حكومة جنوب السودان دعوى قضائية أمام محكمة عدل شرق إفريقيا (EACJ) بسبب دين ضخم يبلغ 1.05 مليار دولار أمريكي، في خطوة تعيد طرح تساؤلات جدية حول الشفافية وإدارة الموارد المالية في البلاد.

ويأتي هذا النزاع القانوني في وقت تتزايد فيه أعباء الديون على الدولة، بينما يعاني اتفاق السلام الانتقالي من هشاشة متفاقمة.

 وكانت الحكومة قد أقدمت، في مارس الماضي، على اعتقال وزير البترول وعدد من كبار المسؤولين ضمن إجراءات وصفت بأنها مرتبطة بملفات فساد.

ووفقًا للوثائق القضائية التي اطّلع عليها “راديو تمازج”، فقد تم تسجيل القضية في 8 أبريل ٢٠٢٥ من قِبل شركة South Sudan Supreme Airlines Ltd، المملوكة لرجل الأعمال المعروف ايي دوانق ايي، ضد وزارة المالية والتخطيط القومي، متهمة إياها بخرق اتفاق تسوية مُلزم تم توقيعه بتاريخ ١٣ فبراير ٢٠٢٥.

ويقود الدعوى المحامي المخضرم واني سانتينو جادا، من شركة Pan African Law Chambers LLP، وهي شركة قانونية مقرها جوبا.

وينص الاتفاق، الذي وقع عليه ممثلون رسميون من وزارة المالية، على إقرار الحكومة بوجود مديونية تبلغ 1,053,936,749.853 دولار أمريكياً لصالح الشركة مقابل خدمات والتزامات تم تنفيذها، بالإضافة إلى أتعاب قانونية بنسبة ١٠٪ لصالح الشركة القانونية الممثلة.

وبموجب الاتفاق، كان يفترض أن تبدأ الحكومة دفع المستحقات على ٢٤ قسطًا شهريًا، اعتبارًا من ٢٨ فبراير ٢٠٢٥، إلا أنه لم يتم دفع أي مبلغ حتى الآن، مما دفع الشركة إلى اللجوء إلى المحكمة الإقليمية في أروشا، تنزانيا.

وجاء في ملف الدعوى “المدعى عليه فشل في الوفاء بأي من الالتزامات الواردة في الاتفاق رغم المطالبات المتكررة.”

وقد تم إبلاغ وزارة العدل في جنوب السودان بالدعوى في ٩ أبريل، وطُلب منها تقديم رد خلال ٤٥ يومًا، إلا أنها لم تُقدم أي رد حتى الآن، بحسب الوثائق الرسمية.

وسُجلت القضية تحت الرقم المرجعي ١٦ للعام ٢٠٢٥، ويُشار فيها إلى النائب العام بجنوب السودان كمدعى عليه، بصفته يمثل الحكومة.

ويتهم مقدمو الدعوى الحكومة بانتهاك عدد من المواد الرئيسية في معاهدة تأسيس مجموعة شرق إفريقيا، بما في ذلك المواد ٥ و ٦(د) و٧(٢) و٨(١)(ج)، والتي تلزم الدول الأعضاء بسيادة القانون، والمساءلة، والحوكمة الرشيدة.

وصرّح مصدر مطّلع لـ “راديو تمازج” بأن اللجوء إلى المحكمة كان “ضروريًا لحماية حقوق الشركة بموجب اتفاق التسوية الملزم”، والذي يعترف بالديون المتراكمة على وزارة المالية مقابل خدمات قُدمت للجيش، دون توضيح طبيعة تلك الخدمات أو الفترة التي تم خلالها تنفيذها.

ولم تُصدر وزارة المالية والتخطيط القومي أي تعليق رسمي، رغم محاولات التواصل من قبل وسائل الإعلام.

تجدر الإشارة إلى أن جنوب السودان، عند استقلاله في عام ٢٠١١، بدأ مشواره كدولة ذات سجل مالي نظيف دون ديون سيادية.

غير أن السنوات التالية، التي شهدت حروبًا أهلية متتالية، دفعت الحكومة إلى الاقتراض مقابل شحنات نفطية من بنوك تجارية ومؤسسات متعددة الأطراف وشركات تجارية عالمية.

وفي الأشهر الأخيرة، تزايدت المطالبات القانونية والأحكام القضائية ضد جنوب السودان من قبل مؤسسات مثل بنك قطر الوطني (QNB)، بنك التصدير والاستيراد الإفريقي (Afreximbank)، شركة BB Energy، وفيتول (Vitol) لتجارة السلع، وسط تقارير تفيد بأن البلاد “أوقفت فعليًا سداد قروضها منذ عام ٢٠١٨”، بحسب تقرير أممي صدر الشهر الماضي.

وتفاقمت أزمة السداد مع انفجار خط أنابيب رئيسي في أوائل العام الماضي، ما أدى إلى انخفاض كبير في القدرة التصديرية للنفط، المصدر الرئيسي للدخل في البلاد.