جنوب السودان يتجه لتوقيع اتفاقية للاستفادة من كهرباء سد النهضة الإثيوبي

أعلن رئيس جنوب السودان، سلفا كير، أن بلاده تتطلع إلى توقيع اتفاقية مع إثيوبيا للحصول على الطاقة الكهربائية من سد النهضة الإثيوبي الكبير. جاء هذا الإعلان خلال كلمة له ألقاها في حفل افتتاح السد.

وأكد الرئيس سلفا كير على العلاقات الأخوية والمصير المشترك بين البلدين. وقال إن “تقدم أمة هو تقدم للجميع”، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية ستمثل نقلة نوعية في جنوب السودان، حيث ستوفر الكهرباء لـ “المدن والقرى والمدارس والمستشفيات”، مما سيفتح آفاقاً جديدة من الفرص للشعب.

واختتم الرئيس كلمته بتقديم التهنئة للحكومة الإثيوبية وشعبها، معرباً عن أمله في أن يجلب السد “القوة والازدهار لشعبهم وللمنطقة بأسرها”.

ويُعزز إعلان جنوب السودان عن نيته توقيع اتفاقية لاستقبال الطاقة من سد النهضة الإثيوبي الكبير من عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي تتجاوز الحدود الجغرافية إلى شراكة استراتيجية في مختلف المجالات.

وتعود هذه العلاقات إلى ما قبل استقلال جنوب السودان، حيث تربطهما مصالح مشتركة في الأمن والتجارة والتنمية. وقد شهدت العلاقات تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الاقتصادي وتبادل الخبرات في قطاعات متعددة مثل النقل والبنية التحتية.

سد النهضة… حلم بدأ في 2011

بدأ العمل في مشروع سد النهضة في أبريل عام 2011، وهو مشروع ضخم يقع على النيل الأزرق في إثيوبيا. ومنذ ذلك الوقت، أصبح السد محور اهتمام إقليمي ودولي، خاصة بالنسبة لدول حوض النيل الأخرى.

يُعد سد النهضة الإثيوبي أحد أكثر القضايا تعقيداً وإثارة للجدل في منطقة حوض النيل، ويتمحور الخلاف الرئيسي حوله بين إثيوبيا من جهة، ومصر والسودان من جهة أخرى، حول عدة نقاط جوهرية:

  • حقوق المياه التاريخية: تعتبر مصر والسودان نفسيهما دولتي المصب، وتستندان إلى اتفاقيات تاريخية، مثل اتفاقية عام 1959، التي تمنحهما حصة كبيرة من مياه النيل. وتخشى مصر بشكل خاص من أن يؤثر السد على حصتها المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وهو ما تعتبره تهديداً لأمنها القومي والمائي. من جهتها، ترفض إثيوبيا هذه الاتفاقيات، وتعتبرها غير مُلزمة لها، وتؤكد على حقها السيادي في استغلال مواردها المائية لأغراض التنمية.
  • فترة ملء وتشغيل السد: تتمثل النقطة الخلافية الأبرز في قواعد ملء وتشغيل السد، وخاصة في سنوات الجفاف. تطالب مصر والسودان بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قانونياً يضمن تدفق كميات كافية من المياه خلال فترة ملء الخزان، ويضع قواعد واضحة للتعامل مع فترات الجفاف. إثيوبيا، من جانبها، تُصر على أن تكون لها السيادة الكاملة في إدارة عملية الملء والتشغيل، وتعتبر أن أي اتفاق يجب أن يكون مجرد إطار إرشادي غير ملزم.

مخاوف السودان والموقف الإثيوبي

يُعرب السودان، القريب من موقع السد، عن مخاوفه من سلامة السد الهندسية، وتأثيراته المحتملة على سدوده المحلية، مثل سد الروصيرص. ويطالب الخرطوم بضرورة تبادل المعلومات بشكل مستمر حول تشغيل السد وإجراءات الأمان.

وتتهم مصر والسودان إثيوبيا باتباع سياسة “فرض الأمر الواقع” من خلال استكمال مراحل الملء بشكل أحادي دون التوصل إلى اتفاق نهائي. وردت إثيوبيا بأن السد مشروع تنموي يهدف إلى توفير الكهرباء لشعبها، وأنها لا تنوي الإضرار بدول المصب، ولكنها لا تقبل أي انتقاص من سيادتها على أراضيها ومواردها.

وقد فشلت جولات عديدة من المفاوضات بوساطة دولية وإقليمية في التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، مما أدى إلى حالة من التوتر السياسي بين الدول الثلاث. بينما ترى إثيوبيا في السد مشروعاً حيوياً للتنمية، تراه مصر تهديداً وجودياً، في حين يحاول السودان أن يوازن بين مصالحه في الاستفادة من الكهرباء وتجنب المخاطر المحتملة.