وصف ناشط مدني ومحلل سياسي في جنوب السودان، قرار الرئيس سلفا كير بإقالة نائب الرئيس بنجامين بول ميل، بأنها خطوة تتجاوز مجرد التعديل الوزاري، معتبرًا إياها “محاولة واضحة لانتزاع السيطرة، وإعادة تأكيد سلطة الرئيس، وفرض الانضباط الصارم داخل صفوف الحزب الحاكم”.
وقال تير منيانق قاتويج، المدير التنفيذي لمركز السلام والمناصرة، لراديو تمازج، إن هذه الخطوة تعكس محاولة الرئيس للحد؛ مما أسماه “شبكات القوة المرتبطة بالدولة” التي قوضت القيادة المركزية.
وقال: “بصفتي ناشطاً في مجال حقوق الإنسان، أرى خطوة الرئيس كير كجزء من جهد لاستعادة السلطة التي أضعفتها تدريجياً شبكات القوة المرتبطة بالدولة، والتي يسميها الكثيرون ‘مافيا الدولة'”.
وأضاف: “كان بنجامين بول ميل يزداد قوة، وفي بعض الحالات، بدا وكأنه يتصرف خارج إطار الانضباط الجماعي للحزب”.
وأضاف: “يجب أن تكون إقالته بمثابة درس لأولئك داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان والطامحين للقيادة بأن السلطة السياسية يجب أن تظل خاضعة للمساءلة أمام الدولة، ولا يتم تفريدها”.
وقال إن قرار الرئيس ربما كان مدفوعاً بالإحباط أكثر من كونه حسابات سياسية، مشيراً إلى تزايد الاستياء العام من التأخير في تنفيذ الاتفاق المنشط لتسوية النزاع في جنوب السودان.
وتابع: “يمكن النظر إلى الإقالة كجزء من محاولة أوسع لاستعادة الثقة والنظام والتركيز داخل القيادة ولإظهار الالتزام المتجدد بالسلام والاستقرار”.
وأشار إلى أن بول ميل كان مرتبطاً بشبكات متهمة بعرقلة جهود الإصلاح.
وفقاً لناشط المدني، تسلط الإقالة الأخيرة الضوء أيضاً على نقاط ضعف قديمة في عملية السلام والانقسامات داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان.
وقال: “ما حدث على نحو خاطئ هو التطبيق غير المتسق والمسيس لاتفاق السلام لعام 2018، إلى جانب الانقسامات الداخلية والعنف المحلي، مثل الحوادث الأخيرة في مقاطعة ناصر، التي يُزعم أن أفراداً مرتبطين بمعسكر بول ميل نظموها”.
وتوقع الناشط المزيد من التعديلات السياسية داخل الحركة الشعبية والمؤسسات الأمنية، بينما يعمل الرئيس على توطيد السلطة واستعادة التماسك.
وحذر منيانق قائلاً: “ما لم تقترن هذه التحركات بإصلاحات حقيقية وحوار شامل، يظل خطر المزيد من التشرذم داخل الحزب الحاكم مرتفعاً”.
من جانبه، رحب، المحلل السياسي جيمس بابويا إدموند بقرار كير، بفصل العديد من كبار المسؤولين الحكوميين، ووصفه بأنه خطوة إيجابية نحو استعادة النظام والمساءلة في الحكومة.
وقال بوبويا، وهو خبير في الحوكمة، إن خطوة الرئيس “جلبت العقلانية والنظام إلى الحكومة”. وأضاف أنه يجب على كير الآن استخدام سلطاته التنفيذية لمعالجة الفقر والفساد وسوء الحكم.
وحث بابويا سلفاكير، على المضي قدماً بزخم الإصلاح من خلال إعطاء الأولوية لمكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية.
وقال “كفى للفساد، كفى للأشخاص الذين يستخدمون أموال دافعي الضرائب لدينا للترويج لأنفسهم”، متهماً بعض المسؤولين بنهب مليارات الدولارات من الموارد العامة.
كما ناشد الرئيس أن ينظر في المصالحة الوطنية، بما في ذلك تمديد العفو لزعيم المعارضة الدكتور رياك مشار وحلفائه، لتشكيل ما أسماه “حكومة جديدة وشاملة يمكن أن تحقق الاستقرار لجنوب السودان”.
ودعا المحلل السياسي الرئيس سلفاكير، إلى تعزيز المؤسسات الوطنية، وتوحيد القوات المسلحة، والتأكد من محاسبة المسؤولين الفاسدين. وقال: “أي شخص فاسد يجب إبعاده ووضعه في السجن”.
وحث على إشراك مجموعات المجتمع المدني في الحوار، والعمل مع المجتمع الدولي لجذب الاستثمار، والتركيز على الإصلاحات الاقتصادية طويلة الأجل لتحسين الظروف المعيشية لمواطني جنوب السودان.



