الرئاسة بجنوب السودان ترفض أي تمديد إضافي وتؤكد موعد انتخابات ديسمبر 2026

استبعدت رئاسة جمهورية جنوب السودان بشكل قاطع أي تمديد إضافي لفترة الحكومة الانتقالية المنبثقة عن اتفاقية السلام المنشطة، مؤكدةً التزامها بإجراء الانتخابات العامة في ديسمبر 2026.

وأعلن هذا القرار أفريكانو ماندي، وزير شؤون الرئاسة، اليوم الجمعة في مؤتمر صحفي بجوبا، موضحاً أن هذا القرار جرى التوصل إليه في اجتماع موسع للرئاسة عُقد يوم الأربعاء برئاسة الرئيس سلفاكير ميارديت وبحضور عدد من نواب الرئيس والمسؤولين.

وأكد الوزير أن الرئاسة حسمت أمرها بشكل قاطع، ونص القرار على أنه “لن يكون هناك أي تمديد آخر للفترة الانتقالية لاتفاق السلام المنشط إلى ما بعد الموعد المتفق عليه حالياً”.

كما تضمن القرار الموافقة بالإجماع على تعديل بعض أحكام الاتفاق والدستور الانتقالي لعام 2011، بهدف تأسيس الإطار القانوني اللازم لإجراء الانتخابات، ووافقت الرئاسة على تشكيل لجنة لبدء التعديلات المطلوبة وعرضها على قيادات الأطراف الموقعة على اتفاق السلام.

ووجهت الرئاسة بتنفيذ الترتيبات الأمنية الانتقالية وتخصيص الموارد المالية اللازمة فوراً من قبل وزير المالية والتخطيط للتشغيل السريع للعملية الانتخابية، فيما ستُعتبر أي أحكام أخرى من الاتفاق لا يمكن إكمالها قبل الانتخابات “برامج ما بعد اتفاق السلام”.

ويُشار إلى أن الاجتماع لم يحضره مسؤولون من الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة بقيادة الدكتور رياك مشار، الذي يخضع للإقامة الجبرية والمحاكمة، لكن ممثل الحركة الشعبية في المعارضة القيادة المؤقتة استيفن فار كول، حضر الاجتماع.

تأتي خيار عدم التمديد في ظل أزمة سياسية عميقة بين الرئيس سلفاكير ونائبه الأول “المعلق” رياك مشار، حيث أعلنت الحركة الشعبية في المعارضة بقيادة الرئيس المؤقت أويت نتاثانيل، في سبتمبر 2025، أن الحكومة الانتقالية “انهارت” وفقدت شرعيتها بعد توجيه الاتهام لزعيمها الدكتور رياك مشار ووقفه عن مهامه.

كما كانت الحركة الشعبية في المعارضة قد أعلنت في مارس 2025 سحب دعمها لآليات الترتيبات الأمنية احتجاجاً على اعتقال كبار قادتها ودخول قوات أوغندية للبلاد، ويستمر الدكتور رياك مشار في الخضوع للإقامة الجبرية ومواجهة إجراءات محاكمة أمام محكمة خاصة على خلفية حادثة الناصر في مارس 2025.

ورغم إعلان رئاسة الجمهورية “عدم التمديد”، لا تزال هناك مخاوف من عدم جاهزية البلاد للانتخابات المقررة في ديسمبر 2026، إذ أعربت الأمم المتحدة على نحو متكرر عن ضرورة تجنب تمديد آخر، لكنها أشارت إلى أن الجداول الزمنية لتنفيذ مهام رئيسية، مثل صنع الدستور الدائم وإجراء إحصاء سكاني رسمي، لا تتناسب حالياً مع الإطار الزمني لانتخابات ديسمبر 2026، مما يهدد بتكرار سيناريو التمديد في اللحظة الأخيرة.

ويُذكر أن الفترة الانتقالية لاتفاق السلام المنشط الذي وُقّع في سبتمبر 2018، مُدِّدَت مرتين حتى الآن، كان آخرها في سبتمبر 2024، حيث أُجِّلَت الانتخابات من ديسمبر 2024 إلى ديسمبر 2026، ومن ثم مُدِّدَت الفترة الانتقالية لعامين آخرين لتنتهي ببدء ولاية الحكومة المنتخبة الجديدة في فبراير 2027.

ويواجه تنفيذ اتفاق السلام المنشط لعام 2018 تحديات جوهرية ونقاط خلاف مستمرة بين الأطراف الرئيسية، مما أدى إلى تأخير متكرر في الجدول الزمني للعملية الانتقالية.

وتتركز الخلافات الجوهرية التي تعرقل الانتقال السلمي في غياب الإرادة السياسية بين الأطراف الموقعة على الاتفاقية المنشطة وعدم وجود الثقة المتبادلة بين الفرقاء، بالإضافة إلى عدم اكتمال عملية تجميع وتدريب وتوحيد القوات لتشكيل جيش وطني موحد، ونقص التمويل الموثوق لتنفيذ البنود الأساسية، خاصة الترتيبات الأمنية والعملية الانتخابية، والتأخير في إعداد الدستور الدائم وإصلاح الأجهزة القضائية والأمنية، وضرورة تعديل القوانين الأساسية لتهيئة المناخ السياسي للانتخابات.