Skip to main content
بقلم الأستاذ/ فيصل الباقر - ٧ أغسطس ٢٠١٩

رأي: قضايا حرية الصحافة والتعبير والإعلام والحق فى المعلومات : آن أوان التغيير

السلطة الرابعة : نسيان المُعرّف واهمال الضرورى ! 

تُعتبر حرية الصحافة والتعبير، وحرية الإعلام، والحق فى المعلومات - عالميّاً، وكما فى الحالة السودانية، أيضاً - من الركائز الأساسية والرئيسية فى عملية (( الإصلاح الإعلامى ))، والإنتقال به، من ضيق حالة (( الإظلام الإعلامى )) التى تفرضها وتسعى لتكريسها الأنظمة الدكتاتورية والشمولية، على الصحافة المطبوعة، وبقية وسائل الإعلام المسموع، والمُشاهد، لتحول بينها والدخول إلى رحاب مرحلة تاريخية جديدة، يُمكن إختصارها فى المُصطلح المعروف بإسم " دمقرطة الإعلام "... ولهذه (( الدمقرطة )) شروط ومعايير وآليات معلومة ومعروفة، ينبغى ويتوجّب اتباعها وتحقيقها والإلتزام بها، لكونها الضامن الأكبر لإستكمال عملية التغيير، من النظام القديم، للنظام الجديد، وفى حالتنا السودانية، يكون هذا الإنتقال، هامّاً وضروريّاً، فى هذه الفترة – أكثر من أىّ فترةٍ قادمة، لضمان إستكمال انتصار الثورة السودانية، وانجاز مهامها، وتحقيق شعاراتها، التى وردت فى إعلان الحرية والتغيير.  

ولطالما، نحن، فى زمن الثورة السودانية، فإنّ الواجب يُحتّم - علينا - اسداء النُصح، والتنبيه، والتحذير، الهام لـ" أولى الأمر" ( المُحتملين والجُدد)، وأعنى وأخص - هُنا - بالنداء (( قوى الحرية والتغيير))، بمختلف فئاتها، وتوجُّهاتها، واتفاقاتها، واختلافاتها، الطبقية، والفكرية، والسياسية، والتنظيمية، وبمُختلف " آلياتها " التى اعتمدتها - سابقاً - فى النضال من أجل التغيير.. هذه القوى، مُطالبة بالإنتباه الجاد والحذِر لـ(دور الصحافة)، ولـ( قضايا حرية الصحافة والتعبير والإعلام ) فى المرحلة " الإنتقالية "، وقد كانوا جميعهم – مجتمعين، و/ أومنفردين – ضحايا تغييب الصحافة الحُرّة، والإعلام المُستقل، فى النظام المُباد، إذ تحتاج قضايا الصحافة والإعلام فى المرحلة الإنتقالية، لإنشاء وتأسيس (مفوضيّة الإعلام )، أُسوة بالـ(مفوضيّات ) المُقررة " سلفاً " وكذلك، "المقترحة "، لتتعامل هذه المفوضية الهامّة، مع إرث الماضى الصحفى والإعلامى، فتُشخّص أمراضه، وتُعالج أخطاءه، وتضع اللبنات الأساسية والقوية، لصحافة وإعلام المستقبل، فى سودان (( الحرية.. والسلام .. والعدالة ))، الذى ننشده أجمعين، وقدّم - فى سبيل تحقيقه - شعبنا العظيم، التضحيات الجسام، فتؤسس (( مفوضية الإعلام )) المقترحة، لدورالإعلام فى النظام الديمقراطى المُنتظر، بصورة واعية ومُنتبهة، حتّى لا تتكرّرمآسى إهمال دور الصحافة والإعلام، فى الفترات الإنتقالية، التى من المُفترض أن تؤسس للحُكم الديمقراطى المُقبل، وحتّى لا يتواصل حال الصحافة والإعلام - كما كان - فى العهد الشمولى المُباد، الذى ثار شعبنا ضدّه، وهزمه بثورته ( السلمية) فى ثورة ديسمبر 2018 المجيدة، بالبطولة والجسارة المعروفة، ولكن، - وللأسف - مازال النظام الإعلامى الشمولى القديم، يُسيطر - حتّى الآن- على المشهد الصحفى والإعلامى فى البلاد، وما نُريد التنبيه له، هو أن لا تبقى جبهة الصحافة والإعلام، بمنأى عن خُطط وسياسات الإصلاح المؤسسى المُرتجى، ورياح التغييرالمنشود !.

هانحن نُخاطب – اليوم، وقبل الغد - قوى الحرية والتغيير، عشيّة تشكيل " سلطاتها الثلاث " المُرتقبة (( التشريعية والتنفيذية والقضائية ))، وفى هذه اللحظة التاريخية الحرجة من عُمر الثورة، ومازال – كما تلاحظ- مصير " برلمانها " و مجلسيها " السيادى" و" الوزارى" ، بل، و" سلطتها القضائية " فى رحم الغيب، نُخاطبها، بضرورة وضع قضايا التغيير الحقيقى فى مقدمة أجندتها – كاملة غير منقوصة - وفى قلبها التشريعات المُنتظرة لتأسيس سلطة (( مفوضية الإعلام ))، المعنية بقضايا حرية الصحافة والتعبير والإعلام المُستقل، والحق فى المعلومات، فبدون تمكين (( السلطة الرابعة )) ومؤسستها، من مهامها وحقوقها وواجباتها، ستقع السلطات ( الثلاث) والحكومة الجديدة فى فخاخ ومطبّات " نسيان المُعرّف واهمال الضرورى "... ومن هنا يبدأ التغيير، الذى آن آوانه، اليوم، وقبل الغد ! .

فيا قوى الحرية والتغيير، دعونى أختم مُناشدتى ومُطالبتى – اليوم، وقبل فوات الأوان - بالقول : شكراً للمفكر الآيرلندى (إدموند برونك)، وشكراً، لإنتباهته ((الذكيّة )) لدور الصحافة والإعلام، حينما خاطب البرلمان البريطانى، فى القرن الثامن عشر - فى واحدةٍ من جلساته العاصفة، مُنبّهاً ومُحذّراً - بمقولته التى أصبح قاعدةً ثابتة، فى دور الصحافة فى النُظم الديمقراطية، حيث أعلن : " ثلاث سُلطات تجتمع هُنا تحت سقف البرلمان، لكن، هناك فى قاعة المُراسلين، تجلس السلطة الرابعة، وهى أهم منكم جميعاً "!. تُرى من يُناصر تأسيس وإنشاء (السلطة الرابعة) وهى" الأهم " من جميع السلطات ؟!. 

مقالات الرأي التي تُنشر عبر موقع راديو تمازج تعبر عن آراء كُتابها وصحة أي ادعاءات هي مسؤولية الكاتب/ة، وليست راديو تمازج